الكهرباء الوطنية إلى أين؟ \

في الأخبار أن مديونية شركة الكهرباء الوطنية حتى نهاية شهر آذار الماضي بلغت حوالي مليارين من الدنانير ، اقترضتها الشركة من البنوك المحلية وتكلفها من الفوائد ما يزيد عن 150 مليون دينار سنوياً.
هذه المبالغ التي اقترضتها الشركة بكفالة الحكومة لم تأت ِ لتمويل مشاريع توسع وتطوير ، بل لمجرد تمويل الخسائر الناشئة عن بيع الكهرباء بما يقارب 40% من كلفتها الفعلية.
هذا الواقع لم يكن خيار الشركة وإدارتها ، فهو مفروض عليها من الحكومة ، وبالتالي فإن هذه الخسائر تقيد في دفاتر الشركة ولكنها في الواقع تخص الحكومة ، وكان يجب أن تظهر ضمن النفقات المتكررة في الموازنة العامة لإظهار حقيقة العجز الذي يزيد عن 10% من الناتج المحلي الإجمالي وليس 5% كما تفترض الموازنة العامة.
في هذه الحالة فإن المقرض وهو البنوك ، والمقترض وهو الشركة ، يعرفان أن المقترض لن يسدد هذه القروض ، ولن يدفع فوائدها ، بل إنه سيحتاج للمزيد منها ، وبالتالي فالشركة مجرد واجهة تختفي خلفها خزينة الدولة ممثلة بوزارة المالية ، لتمكينها من الإنفاق بدون مخصصات في الموازنة!.
في الأخبار أيضاً أن الجهات المسؤولة تدرس اقتصاديات الكهرباء تمهيداً (لتعديل) التعرفة اعتباراً من أول الشهر القادم ، وكانت التعرفة قد عدلت منذ أول شباط الماضي ، ولكن الضجة التي قامت ارغمت الحكومة على التراجع ، مع أنها قد تضطر الآن لرفع التعرفة بأكثر مما رفعت في المرة السابقة.
من المؤكد أن نسمع عند ذلك من سيقول أن رفع أسعار الكهرباء سيؤثر سلباً على قطاع الصناعة والسياحة والنقل والعائلات إلى آخره. وهذا صحيح ، ولكن إذا لم تتحمل هذه الجهات كلفة إستهلاكها فمن يتحملها.
هل هناك حل بديل؟ نعم وهو تقليص ساعات إنتاج الكهرباء إلى 6 ساعات يومياً أي منذ غياب الشمس وحتى منتصف الليل ، ونتائج هذا البديل أسوأ بكثير من تسعير الكهرباء بكلفتها الفعلية فكيف ستعمل المستشفيات والفنادق والمطاعم والمكاتب.
الأدوية مرة بطبيعتها ولكن المريض مضطر لتعاطيها ، والمهم أن لا تصل إلى حد لا تعود معه الادوية كافية ، فآخر الدواء الكي!.