قتلوهم أحياءً.. فلا تقتلوهم أمواتاً!

تم نشره الثلاثاء 08 أيّار / مايو 2012 03:29 صباحاً
قتلوهم أحياءً.. فلا تقتلوهم أمواتاً!
سلطان الحطاب

يجب ان تقوم حملة اعلامية ذات طابع اخلاقي لوقف نشر صور القتلى المشوهين من الأطفال والنساء والشيوخ الذين يقتلون في حروب الربيع العربي حين تتخذهم القوى المتصارعة حجتها في اثبات روايتها.

المناظر المعروضة للاطفال المقطعة ايديهم والمهشمة رؤوسهم او المبقورة بطونهم..ونشر صور هؤلاء حيّة على التلفزيون في نشرات الاخبار هي صورة صادمة للمشاهدين وتلحق ابشع الاضرار بنفوس الاطفال والناشئة وكل من لديه احساس او ضمير، كما انها صور لا يحترم الذين يبثونها كرامة الانسان وقيمته حين يجعلون منه ومن انسانيته ومن جثته مادة اعلامية في منافسات محمومة بين الفضائيات..

اين اخلاقيات المهنة الاعلامية؟ واين مواثيق الشرف الاعلامية؟ ولماذا تغيرت المواقف على هذا النحو؟. اذ كلنا نتذكر بداية نشوء الفضائيات العربية قبل عقد من الزمان واعتذارها وامتناعها عن نشر مثل هذه الصور وتحفظها على النشر او تظليل قسماتها حين البث الحي والمباشر..

سلوك الفضائيات العربية غريب وهجين ولا نريده ان يعكس ثقافة تنسب لثقافتنا حين توصف بالقسوة والشماتة والتنكيل رغم ان تقاليدنا وديننا يمنع ذلك حين خاطب الانسان وكرم بني ادم وجعله في احسن صورة واحترام حرمة جسده.

لا نجد مثل هذه الصورة البشعة والمستفزة للمشاعر الانسانية والمسببة للامراض النفسية مكانا في الفضائيات العالمية التي تحترم مشاهديها، فلماذا ننفرد في فضائياتنا بهذه الخاصية المتخلفة التي تظهر عارضي الصور وكأنهم يتمتعون بذلك او ينتصرون بذلك..

ما هو الواقع والتأثر على ذوي المعروضة صورهم المشوهة والمنكل والممثل بها؟.. ما هي ردود افعالهم؟ ولماذا معاقبتهم مرة ومرات فوق قتل ذويهم واحزانهم عليهم؟. ما شعور الام والاب او الزوجة او الابن وهم يرون فلذات اكبادهم واعز اقاربهم تعرض صورهم في اوضاع لا يمكن وصفها او تحمّل مشاهدتها.. لماذا هذا التوظيف الاجرامي والمشين من قبل المتصارعين وقوى الاقتتال والقتل لاظهار الانسان على هذه الشاكلة.

حان الوقت ان نرتقي وان يدخل المنظور الحضاري لسلوكنا فنحن لسنا زمن التاريخ القديم حيث الصلب والتنكيل والتمثيل وقطع الايدي والرؤوس وابقاء الجثث معلقة او يطاف بها من اجل الاعتبار ولصالح من يعتقدون انهم على حق فيما يفعلون.

والسؤال.. هل عرض القتلى المشوهين على شاشات التلفزيون يخلق شعورا بالتعاطف مع الجهة التي تعرضهم لكسب التضامن معها ام ان ذلك يخلق شعورا عكسيا او انه يبلد الشعور الانساني او شعور الفريق المعني بالمتابعة ويجعل حالة القتل وكأنها عادية،او كأن الدماء الساخنة والجثث المتطايرة والمشوهة كأنها من فيلم سينمائي تمثيلي يدمن المشاهد على رؤيته؟.

لم تعد تهز الكثيرين مثل هذه الصور لطول النظر اليها وتكرار ذلك.فقد اصبح الامر مألوفا الا من افقاد الضحية كرامتها وجعلها سلعة اعلامية لخدمة اهداف سياسية بعيدة عن الانسانية.

اتمنى ان تبدأ احدى الفضائيات الاعلان في امتناعها عن ذلك لتكون قدوة. كما اتمنى ان توضع ملاحظات في الفضائيات التي تأخذ الخبر او تستورده تقول اثناء قراءته انها تعتذر عن نشر المناظر المسيئة او المعتدية على المشاعر..

كثير من الفضائيات التي تعتمد صورا مروعة في الاخبار تدخل البيوت دون استئذان وتنشر دون مقدمات ودون تنبيه ولا حتى اشارة تحذير او منع توضع على الشاشة ليجري تغيير القناة او منع الاطفال والحوامل او ذوي الحساسية المفرطة من المشاهدة..

ادعو الى استعمال اشارة على طرف الشاشة على شكل كلمة او شعار اوصورة تنبه من المشاهدة اللاحقة للصورة في الخبر فمن اراد المشاهدة استمر ومن لم يرد اشاح وجهه وغيّر قناة البث وفي ذلك احترام للمشاهدين وذلك من حقهم رغم اننا ندعو ايضا الى مراعاة مشاعر الاهل والاقارب لذوي الضحايا بمنع نشر الصور المشوهة اصلا. انها دعوة برسم التأمل والقراءة ومعاودة النظر من جانب المسؤولين في الاعلام العربي الذين رفعوا كل الحواجز في هذا السباق المحموم من المنافسة.



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات