قطع الملك قول كل منظر مشكك!

بكلامه الواضح مع السادة النواب ورئيسهم أمس الأول في الديوان الملكي حول قانون الانتخابات واجرائها قبل نهاية العام قطع الملك قول كل منظر مشكك..
جاء كلام الملك لضرورة قطع دابر الاشاعات والتنظير الذي يطلقه اصحابها حول ان الانتخابات لن تقوم أو أنه لا يمكن قيامها وقد صنع المنظرون الذين بكوا على الاصلاح أو بكوا من اقتراب الاصلاح كثيراً بدموع الندابة المستأجرة.. حين اكتشفنا انهم لا يريدون الاصلاح وان أرادوا فلمصالهم الضيقة..
لماذا كلما أطلقت مبادرة للاصلاح والتغيير ينبري من يغرقها في التعطيل والاشاعة وبث الوهن في النفوس وتخذيل المتحمسين والتشكيك في مقاصدهم.. فتعطل او تصادر..
هناك فئات مستفيدة من تعطيل الاصلاح ومن ابقاء المجتمع الاردني في دائرة المراوحة والتفسخ والاهتراء ليتواصل التراجع والضعف ويسهل بعد ذلك الانقضاض وهذه الفئة قسمان..
قسم مستفيد من تكريس الوضع القائم وبقاؤه على حالة وهم يرفعون شعار «الحقوق المكتسبة» سواء قالوها أو اندبوا من يقولها ..وفئة أخرى سياسية تمثل «الاخوان المسلمين» وهؤلاء لا يريدون الاصلاح عملياً من خلال التشريعات والقوانين والاستفادة من حالة الربيع العربي والابقاء بالتعهدات الملكية أمام الأردنيين والعالم لانهم يريدون المزيد من الوقت لبيع بضاعتهم في موسم الحسم في سوريا ولأنهم ينتظرون أن يتأخر الاصلاح ليحصدوا نتائج التأخير بمزيد من المزايدة والاستقواء والتأزيم واثبات ان النظام غير قادر على القيام بأي خطوات عملية وانه لا يستطيع تجاوز الشعارات فقط..
أدرك الملك ومنذ فترة عملية المزايدة على نهجه ومحاولة تصوير نظامه أنه غير قادر على اتخاذ خطوات حاسمة ازاء نقل الاردن الى حالة افضل واعادة انتاج جملة الاوضاع المتردية السياسية والاقتصادية والاجتماعية..ومع ادراكه لذلك وتشخيصه للمرحلة اكتشف ان اطرافاً تنفيذية اناط بها دفع عملية الاصلاح وتحقيق اهدافه قد تماهت مع الاطراف المعطلة والمزايدة واشترت أفكارها أو أثرت فيها ضغوطها فراحت تراوح في اتخاذ القرار وتعود بنا الى نقطة الصفر «وكأنك يا ابو زبد ما غزيت»..
الحسم جاء هذه المرة ملكياً وهذه ليست أول مرة يؤكد فيها الملك على ضرورة الاسراع في انجاز القوانين الناظمة للحياة السياسية واقرار قانون انتخاب بصفات ضمان التمثيل الاوسع والعدالة وتكافؤ الفرص واعتماد المواطنة بحقوقها المعروفة..
ما ندركه في الكلام الملكي وبعده ان بعض الاطراف المحال عليها تنفيذ عطاء الاصلاح اذا جاز التعبير اما انها غير قادرة أو غير مقتنعة أو لها مصالح في التأجيل وحين اكتشفت عبر أكثر من حكومة وضع الملك اصبعه على الخلل وحدده ووصف من يسببون الاعاقة والتبرير ويستبدلون العمل بالكلام للمعطلين بالمنظرين الذين لم يتوقفوا حتى اللحظة عن اطلاق الاشاعات والتشكيك بوسائل مختلفة ولأهداف مختلفة..
الكلام الملكي واضح لا يحتاج لمزيد من التفسير واعراب الجمل أو الادعاء انها ممنوعة من الصرف فهو واضح يلبي المرحلة ويصف لها العلاج وعلى حكومة الدكتور فايز الطراونة التي يستأنس بها الملك القدرة على التنفيذ ان تدخل الاختبار وان تقدم الدليل وأن تبيّض وجوهنا..فهذه كما قال الملك فرصة تاريخية لتحديد المستقبل تبدأ هذا العام وتنطلق وقد امتلك الأردن كامل المنظومة التشريعية الباعثة لانطلاقته والتي لا قيمة لها ان لم تدخل حيز التنفيذ والتطبيق وان تجري الانتخابات النيابية هذا العام بموجبها..فنحن نعرف ان لا قيمة لأي روشيته يكتبها الطبيب مهما كان التشخيص دقيقاً ما لم يصرف الدواء ويتناوله المريض لنكتشف الشفاء..
لا مجال للتبرير والاختباء وراء الذرائع فالأردن شبّ عن الطوق وشعبه له تجربة طويلة وعميقة يستحق بتراكمها ان يعالج قضاياه بإصلاح شامل وعميق مهما كانت كلفته حتى وان كان آخر العلاج الكيّ حتى لا تظل الامور والأوضاع مرهونة لصالح فئات أدمنت تقديم البلد على النحو الذي يحفظ مصالحها وظلت تضع العصي في دواليب الاصلاح والتغيير وقد عشنا ذلك ورأيناه ولم نعد نتحمل المزيد ..
أمس اطلق الملك مجدداً صافرة السباق وقص الشريط في دعوة واضحة للحكومة ومجلس النواب لبدء الهجوم على كل المعوقات ..فالجميع الان على الهواء وفي الامتحان ولم يعد مسموحاً بابقاء اي غسيل غير قابل للنشر في معركة الاصلاح الوطني الذي يجب ان يصيب كل المكونات الاردنية كافة ليعيش الاردن الحديث الجديد المترابط المعتمد على نفسه والنموذج في محيطه وعالمه..ففي مسيرة الاصلاح التي نريدها قوية عميقة فإن «ما لا يدرك كله لا يترك جلّه» ولذا وجب التحذير من التعطيل والتزيين له أو التنظير فيه فلنتوكل على الله ولن نقول للقائد «اذهب انت وربك»..بل سنقول..إنّا معك مصلحون مهما طالت المسيرة وعز الثمن..!!