في الجزائر .. انتخابات قد تمهد لحراك شعبي!!

تم نشره الأحد 13 أيّار / مايو 2012 04:34 مساءً
في الجزائر .. انتخابات قد تمهد لحراك شعبي!!
ياسر الزعاترة

لم تفاجئنا انتخابات الجزائر (فوز جبهة التحرير بما يقرب من نصف المقاعد، يليها حزب الحكومة بزعامة أويحيى)، فالشارع الذي قاطع الانتخابات الماضية لم يقتنع بهذه الجولة أيضا فانحاز للمقاطعة، ليس فقط استجابة لدعوة جبهة الانقاذ؛ على أهميتها ووجود قطاع من الناس لا زال يستمع لقادة الجبهة، تحديدا ذلك الصوت الصادق الذي لا زال يدوي بين الناس رغم المطاردة المستمرة، أعني الشيخ علي بلحاج، بل قاطع أيضا لأنه لم يقتنع بأن النظام في وارد إجراء تغييرات حقيقة في اللعبة السياسية تمنح الشارع ديمقراطية حقيقية.

قال النظام إن نسبة التصويت هي 43 في المئة، الأمر الذي شكك فيه المراقبون لجهة الإقبال المتدني على صناديق الاقتراع، فضلا عن النسبة التي تصاعدت بشكل رهيب في الساعات الأخيرة، وكان لافتا بالطبع قول السلطة إن 18 في المئة من الأصوات كانت ملغاة، الأمر الذي لا يحدث في أي انتخابات في العالم، وحتى لو صدقنا ذلك كله، فإن نسبة المشاركة الحقيقية لم تتجاوز الثلث.

الذين ذهبوا لصناديق الاقتراع فعلوا ذلك لاعتبارات ذات صلة بالعلاقات الشخصية والقبلية، وكثير منهم كانوا من أنصار النظام والمستفيدين من وجوده، إلى جانب بعض المؤمنين برؤية من شارك من القوى الإسلامية وهم قلة، وفي اعتقادي أن النسبة التي حصلت عليها الأخيرة كانت أقرب إلى الواقع رغم ما شاب اللعبة من تزوير.

منذ سنوات بعيدة لم يحدث أن حُشرت الأحزاب الإسلامية في دائرة العشرة في المئة كما حصل هذه المرة، أعني منذ الانتخابات التي فازت فيها جبهة الإنقاذ عام 90، وهو ما يؤكد أن الجمهور المؤيد لبرنامجها لم يذهب في غالبيته لصناديق الاقتراع، بل قاطعها قناعة بلا جدوى اللعبة، بل ربما بهدف تأكيد الرفض لمنحها الشرعية الشعبية.

الأحزاب المشاركة بتحالف إسلامي هي ذاتها الأحزاب التي تماهت في لون النظام، وفي مقدمتها حركة مجتمع السلم، وبعدها يأتي حزبان هامشيان (النهضة والإصلاح الوطني)، وكلاهما أسسهما الشيخ عبد الله جاب الله قبل أن ينقلب قادتهما عليه وينحازا لمربع السلطة ويصبحا أكثر من هامشيين في المشهد السياسي.

أما الشيخ جاب الله نفسه فلم يكن مقنعا هذه المرة نظرا لتجربته السابقة في الحزبين المشار إليهما، إذ من الصعب إقناع الناس بأن السبب في الحالتين هو استهدافه من طرف السلطة رغم صحة ذلك بهذا القدر أو ذاك، ولا بد أن لتفرده في اتخاذ القرار كما يقول خصومه دورا فيما جرى. والنتيجة هي خروجه من الجولة الجديدة بسبعة مقاعد لا غير.

كان الشيخ قد حصل على نسبة كبيرة من الأصوات والمقاعد في المرتين المشار إليهما، لاسيما الثانية في تجربة حزب الإصلاح الوطني حين تفوق على حركة مجتمع السلم، وكان ذلك بسبب تقديمه لخطاب يعارض السلطة ويرفض العنف في آن، الأمر الذي دفع قطاعات واسعة من الناس نحو الانحياز إليه، ومنهم بعض عناصر وجمهور جبهة الإنقاذ المنحلة.

في هذه المرة أيضا دخلت حركة مجتمع السلم الانتخابات بعد تجربة انشقاق معروفة، فضلا عن تجربة مشاركة فاشلة في السلطة، الأمر الذي ساهم في تهميشها ودفع الناس نحو المقاطعة في آن، والنتيجة هي تصويت من شاركوا لصالح جبهة التحرير وحزب (رئيس الحكومة) أويحيى، وليغدو المشهد السياسي أسوأ من حاله السابق.

إن أية قراءة للانتخابات الجزائرية خارج سياق نسبة الاقتراع تبدو قاصرة إلى حد كبير، والأخيرة تؤكد أن الشارع الجزائري لم يقتنع بلعبة التغيير الشكلي التي حصلت، وأنه لا زال ينتظر ربيعا يغير المشهد برمته، وهو ربيع لن يأتي من دون انتفاضة شعبية.

أما السبب في تراجع منسوب القناعة بالانتفاضة الشعبية فيتمثل في خشية الناس من الانزلاق نحو دوامة عنف تحاكي ما جرى خلال التسعينيات، لكن خطابا سياسيا يركز على انتفاضة سلمية يمكن أن يغير المزاج الشعبي بمرور الوقت، لاسيما أن الوضع الاقتصادي الجيد بوجود فائض مالي كبير لم يُستثمر لصالح المواطن بشكل معقول.

في اعتقادي أن الذين برمجوا الانتخابات لم يكونوا يريدون هذه النتيجة، وكانوا يفضلون عليها فوزا أكبر للأحزاب الإسلامية تفضي إلى تشكيل حكومة وحدة تقنع الناس بوجود تغيير (الأرجح أن يقنعوا تلك الأحزاب بمشاركة هامشية)، لاسيما أنها أحزاب لم تعرف المعارضة الحقيقية (في مقدمتها حركة مجتمع السلم)، لكن مقاطعة مؤيدي البرنامج الإسلامي لم تمنحهم هذه الفرصة، فكانت النتيجة التي نحن بصددها، والتي ستؤدي بمرور الوقت إلى إقناع الناس بضرورة التحرك في الشارع لإحداث التغيير. ( الدستور )
 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات