انتخب الناس النظام القوي!

واضح ان المصريين انتخبوا «الرجل القوي» الذي يوقف حالة الفوضى، وسيطرة البلطجية على السوق، ويتوافق مع الجيش.. لانه جاء من معسكراته!! وفي الدورة الثانية سيكسب احمد شفيق الجولة، لان الاخوان اخافوا اكثر الناس: الفئات العلمانية، والاقباط، والفنانين، والسياحة، ورجال المال، فالكلام المعتدل الذي ملأوا به الفضائيات لم يقنع الناس بأنهم تغيروا، واعتبروا كل ذلك مجرد تكتيك يستهدفون به الوصول الى السلطة!!.
اتهام احمد شفيق بأنه من «الفلول» لم يغير كثيراً من قوته الانتخابية، وشاهده ملايين المصريين يحتمل الشتائم والاحذية التي طالته في احدى جولاته ولكن ذلك لم يقلل من احترامه، كما ان قائد الحزب الاسلامي الحامل ابرز الانجازات العلمية كخريج جامعات اميركا، واستاذ في الجامعات المصرية.. لم يعطه اكثر مما حصل عليه التيار الديني بشكل عام، فقد كان ثلاثة منهم يزاحمون بعضهم بعضاً ولو انهم تنازلوا له لربح من الجولة الاولى!!.
فلتة الشوط كان حمدين الصباحي الذي عرّف نفسه بأنه ناصري، وبأنه من ابناء الثورة، واختطف الاضواء بطلعته الشابة وسط اناس قطعوا السبعين!! فقد اخذ محافظة الاسكندرية وبور سعيد، ولو ان الناصريين اعطوه فعلاً، ولو ان اليساريين ساندوه، ولو ان جماعة ميدان التحرير ومليونياتهم وقفوا معه لكان على الاقل يزاحم شفيق او مرسي، فالشباب الذي ثار انقسم الى اكثر من ثلاثين حزباً، واغلب الظن انهم سيبحثون عن احزاب راسخة وينضمون اليها او يأتلفون معها!!.
كنا ننبه منذ البداية ان العسكر لن يقبلوا بالعودة الى معسكراتهم واخلاء الساحة للتطرف والفوضى، واذا كان الاقتصاد هو القوة التي تهيمن على المجتمعات، فالجيش تحوّل بمصانعه ومزارعه وتجارته الى اكبر مؤسسة اقتصادية ومالية في مصر، وهو يدير نسبة عالية من الرأسمال الوطني، ومن الطبيعي ان يكون وراء السلطة وان يمنع اية قوة حزبية من الوصول اليها، ففي البداية لم يتفاجأ الجميع بالتحالف العسكري – الاخواني تماماً، كما كان الوضع بعد ثورة 23 يوليو.. حتى وصل الطرفان بعد ضرب كل الاحزاب المصرية الى الصدام بعد عام 1954، وفتك عبدالناصر والجيش بالاخوان فنزلوا تحت الارض او في المنافي اكثر من عشرين عاماً!!.
البرنامج الآن، هو اصدار الدستور، وهو مهمة مجلس الشعب ومجلس الشورى الاساسية ثم بعد ذلك يحين موعد انتخابات رئيس الجمهورية .. ومن الطبيعي ان يقوم رئيس الجمهورية الجديد بحل المجلسين التأسسيين وطرح الدستور على الاستفتاء الشعبي، واجراء انتخابات نيابية، فلا يمكن استمرار مجلس اخواني سلفي مع رئيس جمهورية كأحمد شفيق، او تشكيل حكومة اخوانية في ظل نظام رئاسي يعين فيه الرئيس مجلس وزرائه، ولا حاجة لثقة المجلسين بها!! كما في النظام الأميركي والفرنسي.. وكما كان في مصر!!. ( الرأي )