الربيع العربي في نظر المحللين

أصبح الربيع العربي موضوعأً عالمياً يتناوله بالدراسة الباحثون والمحللون ، عرباً وأجانب ، باعتباره واحداً من أهم أحداث هذا العصر ، خاصة وانه يتناول منطقة تشكل قلب العالم ، وتؤثر فيه أمنياً وسياسياً واقتصادياً ، فهنا البترول ، وإسرائيل ، والموقع الجغرافي الاستراتيجي.
يختلف الباحثون في النظر إلى الربيع العربي ، فيرى فيه البعض مفاجأة لم تخطر على بال ، بدلالة أن أحدأً لم يتنبأً او يتوقع هذا الحدث. ويرى فيه البعض الآخر تحصيل حاصل ، بعد أن توفرت الأسباب والمؤشرات ليراها كل من له عينان للنظر.
وهناك اتفاق على أن الربيع العربي يمثل حتى الآن ثورات لم تكتمل ولم تتبلور ، بل وقفت عند نقطة تحول مصيرية لم يتم البت بها ، فهل سيأتي الربيع العربي بالديمقراطية شأن شعوب العالم المتقدم ، أم أنه سيقع في أيدي قوى رجعية وسلفية منظمة قادرة على ركوب الموجة وجني ثمارها باستغلال الدين ، وإقامة أنظمة قمعية قد تكون أسوأ من الأنظمة الساقطة.
حتى تاريخه تمكن الربيع العربي من إسقاط أربعة أنظمة حكم هي على التوالي تونس ومصر وليبيا واليمن ، وهو يقابل بمقاومة عنيفة في نظام آخر هو سوريا. وفي جميع الحالات فإن الوضع سائل وقابل للتغيير وإعادة التشكيل حسب قوى داخلية وخارجية.
يتفـق معظم الباحثين على الأسباب والظروف التي أنتجت الربيع العربي ، فهناك مرارة الشعوب من الأنظمة الأمنية والقمعية ، وهي جمهوريات شكلاً وملكيات وراثية فعلاً ، والحكم فيها محصور في العائلة أو الطائفة.
وهناك بروز دور الشباب في الحركات الثورية ، وامتناع الإسلاميين مبدئياً عن المشاركة فيها إلا بعد رسوخها ، وتأثير وسائل الاتصال الاجتماعي والإلكتروني ، وأهمية القضية الفلسطينية التي خلقت جرحاً عميقاً في النفس العربية تشعر العربي بالمهانة والعجز ، وتدعوه للتمرد على الواقع.
مشكلة الربيع العربي أنه تعبير عفوي عن الغضب الشعبي ، وليس وراءه تنظيم معين وقيادة معروفة وبرنامج محدد ، ولذلك يسهل إزاحة الثوار عن المواقع التي اقتحموها وليس من المستبعد تحويلهم إلى ضحايا.
حتى الآن فقدت بلدان الربيع العربي أمنها الداخلي ، واستقرارها السياسي والاجتماعي ، وتلقت ضربة موجعة في اقتصادها ، ويؤمل أن تأتي النتائج الإيجابية بشكل يبرر الثمن الباهظ الذي ُدفع وما زال يدفع حتى إشعار آخر. ( الرأي )