«سنجر» الحكومة وخيوط الشعب

الحراك الأردني على مختلف أشكاله وألوانه ومشاربه يدعو إلى الإصلاح؛ باعتبار أن استعادة حقوق الشعب وحمايته من الفساد، واستمرار التغول الرسمي عليه وما إلى ذلك مما يخص حياة الناس، وما زال مفقودا أو ممنوعاً، وما هو مسروق أيضاً.
بالمقابل، تدعي الجهات الرسمية أنها تعمل من أجل الناس، وتسهر على راحتهم، وتؤمن لهم كل حقوقهم، وهي تذهب نحوهم استقطاباً وتحشيداً لهم، بما لديها من وسائل وإمكانيات، ومثلها تفعل أطراف الحراك الحزبي والشعبي بمجمله.
الحكومات تدعي أنها تمثل الشعب، ومثلها مجلس النواب، والأمر ذاته بالنسبة للحراك السياسي، غير ألا تنافس جدياً بينهم على الإطلاق، وبدلا منه صراعات غير متكافئة، واستخدام للإمكانيات التي لدى كل جهة؛ تحييراً للأهداف المختلفة والمتناقضة. وكل طرف من هؤلاء يدعي أن الشارع معه والأغلبية الصامتة أيضا، وأن برنامجه الوطني هو الأصلح!
واقع الحال يكشف دون عناء عن حجم البؤس الذي يغطي الغالبية العظمى من الناس، وهو حال يدفع بهم إلى العزوف عن الثقة بالجهات كافة، وإلى الفردية بالتفكير والممارسة، وذلك يفسر الجنوح للعنف وتشتت الانتماء بعيداً عن الدولة وهويتها، وإلى شتى أنواع التحديات اللفظية، واستخدام أقسى المفردات والمصطلحات -للتعبير- التي باتت لا تفرق بين الخطوط كلها، بما فيها الخطوط الحمر التي ينالها ما ينالها دون حساب منها ولها أيضاً.
الناس "خزقوا" السقف بتجاذبات الحديث والكلام، وشعارات المسيرات والاعتصامات "خزقت" السقوف المعهودة أكثر ما يكون خلال الأسبوعين المنصرمين، وهي مرشحة للاتساع الذي لن يعود معه الرثي والرتق مجدياً لأي حكومة، حتى وإن امتلكت مصانع "سنجر" لماكينات الخياطة! إذ لا خيوط لديها ولا إبر ومسلات، وبدل الذهاب إليها لحثها على السعي نحو ماكينة الشعب وخيوطه، والتفصيل على مقاسه، والحياكة له بعد أن مل التضييق عليه، والتقصير بحقوقه، والترقيع بحياته، وبالات والدول الصديقة وويلاتهم.
( السبيل )