الربيع الأصفر .

نتباهى في الأردن بسلمية الحراك المطالب بالإصلاح، وبالمثابرة على تنظيم المسيرات والاعتصامات، والوقفات الاحتجاجية وتنظيم والإضرابات، وبأن ذلك كله ربيع أردني للتغيير وإصلاح النظام لم ترق خلاله قطرة دم، ولم تتعرض فيه الممتلكات للتخريب والأذى، والأمر صحيح؛ لأن التعرض للفعاليات والنشاطات كان بالحدود الدنيا ومما يمكن تجاوزه، أو تمت معالجته.
والحال على ما هو عليه حتى الآن يدفع الجهات الحكومية لوصفه بالربيع الأخضر، لا لكونه سلمياً وبلا عنف، وإنما لقلة الحصاد منه؛ إذ إن ما أنجز من إصلاحات لم يغير من مسار الحراك وحدته السلمية، كما أنه مستمر ومرشح للتوسع أيضا، وذلك سعياً لحصاد أكثر مما ينبغي إنضاجه وما زال عجراً، ما دام أنه بقي أخضراً وحسب.
الربيع العربي موصوف بالأحمر في كل مكان بدأ فيه؛ جراء ما نزف فيه من دماء، وهو أخضر في المغرب فقط، حيث أصلح فيه الحال بالتراضي والقبول والاعتراف، فلم تخسر الأطراف بقدر ما كسبت.
أما الربيع السوري فإنه الأكثر دموية حتى الآن؛ لكثرة ما نزف وما زال، وقد زاد على الليبي شكلاً وعنفاً، ليظل الربيع الأردني وحده ليس أحمراً، ولا هو بالأخضر كذلك، كما يحلو للرسميين وصفه.
والبحث عن لون له سيفضي إلى إطلاق الأصفر عليه بالضرورة؛ كون ما قطف منه لم يكن ناضجاً، وما بقي معلقاً منه يدفع به لحصاد خريفي.
الحراك وطليعته ورأس حربته الحركة الإسلامية لن ينالوا مطالبهم، ولن يتحقق لهم أي من شروطهم، فالمسار العام يشي بأنه ليس بالامكان أفضل مما هو عليه النظام، ولسان حال الأخير يدعو الأول لدق الرأس بالجدران، والأمر جلي من تحركه العام.
ترى ماذا غير المسيرات والاعتصامات والمهرجانات والاضرابات والوقفات يمكن له أن يحدث الإصلاح؟ وماذا بقي من وسائل سلمية من اجله، وما الذي ينبغي فعله لكي لا تظل أيام الجمع للمسيرات، وليس للمشاركات الاجتماعية والنزهات العائلية، الجواب هناك الكثير مما هو سلمي ولم يستخدم بعد، ومنه أن تتحول كل الأيام إلى جمع. ( السبيل )