الانتخابات الفلسطينية هي الأساس

بعد كل اجتماع بين قياديين من الصف الثاني من فتح وحماس, تتواتر الأنباء, وتتبعها التحليلات المتفائلة, بتجاوز عقد تشكيل حكومة توافق وطني, تجمع الفصيلين تحت رئاسة الرئيس محمود عباس, وتصل الأمور إلى حد تفصيل مواصفات الوزراء, وربما أطوالهم ولون عيونهم, وتحدد من سيبقى من حكومتي غزة ورام الله في موقعه ومن سيغادر, وما هو دور المجلس التشريعي المنتهية ولايته, لكن الكثيرين لايلتفتون لحقيقة أن أي حكومة جديدة في ظل الظرف الراهن, لن تكون عنواناً لانهاء الإنقسام الحاصل في العمود الفقري للحياة السياسية في الاراضي الفلسطينية, وأن الحكومة المطلوبة, هي التي ستأتي بعد الانتخابات التشريعية, وسوى ذلك ليس أكثر من لعب في الوقت الضائع, وانتظار معجزة في زمن ليس للمعجزات فيه نصيب.
وإذا كانت فتح متفائلة بحذر, من ما يقال عن تقدم حقيقي بشأن لجنة الانتخابات المركزية والقانون المتعلق بانتخابات المجلس الوطني، فان ذلك لايمنحها الحق بتوقع إنجاز التشكيلة الحكومية في غضون شهر, رغم ما تكشفه تصريحات مسؤولين في الحركة, عن شروع أطراف العملية التصالحية, في مناقشة أسماء أعضاء حكومة التكنوقراط بحيادية كاملة, والاتفاق على الإطار العام لها, وحتى تحديد مهماتها, بالعمل على رفع الحصار عن الضفة والقطاع, وإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية، وربط برنامجها السياسي بموقف الرئيس وسياساته, بصفته رئيس السلطة . كما أن إعلان حماس بأن أجواء الحوار الذي يتم في القاهرة, وليس في غزة أو رام الله كما ينبغي التذكير,هي الأقرب لتطبيق التوافقات السابقة, وأن الجانبين شرعا في التداول حول أسماء أعضاء الحكومة التوافقية العتيدة, وأن الخطوات العملية على الأرض ستبدأ بتوحيد جهازي الشرطة والدفاع المدني، على أن يتم في مرحلة تالية ترتيب أوضاع جهاز الأمن الوطني, كل ذلك ليس أكثر من محاولة لاطفاء الشمعة التي تنير على واقع الانقسام الراهن.
على العكس من التفاؤل الحمساوي الفتحاوي, والذي يبدو أن هدفه هو طمأنة النفس, وليس تعبيراً عن الحقيقة, فإن المؤكد أن الحوارات الجارية, لن تثمر توافقاً حقيقياً قادراً على الصمود على الأرض، بالرغم من إمكانية تشكيل حكومة بدون لون سياسي, وبمعنى أنها لن تزيد عن كونها مجرد إدارة للمناطق الفلسطينية, غير قادرة أومخولة على التعاطي بالشأن السياسي, وإذا كان الخلاف اليوم بارزاً حول مثول الحكومة العتيدة, أمام المجلس التشريعي لنيل ثقته, وهو المنتهية ولايته, وغير معترف به من رأس السلطة والحكومة, فما هو مبرر التفاؤل؟ ذلك سؤال لن نجد إجابة عليه عند المتفائلين, ولو كان تفاؤلهم حذراً كما يحبوا أن يصفوه.
قبل تشكيل حكومة وفاق, وحتى قبل الانتخابات التشريعية, يجب حل معضلة التوافق بين برامج فتح وحماس السياسية, وهو هدف بعيد المنال, وقد عبر عن ذلك القيادي الحماسي محمود الزهار, بإعلانه استحالة توحيد تلك البرامج, مضيفاً أنه غير مطلوب من أحد البرنامجين أن يطوع نفسه للآخر، وأن هناك إمكانية لنجاح المصالحة بعد انتخابات حرة نزيهة تقبل بها جميع الأطراف, ما يعني نجاح الجميع, غير أن اللافت في تصريحاته هو الاقرار بعدم حق أي جهة بالانقلاب على الأخرى, وأيضاً دعوته لتأجيل تشكيل الحكومة إلى ما بعد الانتخابات المصرية, وبما يعني ارتهانها للسياسات الخارجية, بدل فرض سياستها الوطنية على الأطراف الداعمة للخيار الفلسطيني, الذي يبدو واضحاً أن الزهار يربطه بموقف مصر, المحكومة من الاخوان المسلمين, لكنه لم يبين لنا موقفه فيما لو وصل أحمد شفيق إلى موقع الرئيس.
لامجال لأي خطوة تصالحية لان تأخذ مداها إن لم تكن لاحقة للانتخابات التشريعية, حماس تدرك ذلك, وكذلك فتح, وعلى الجميع عدم تضييع الوقت الثمين في اجتماعات لاطائل من ورائها. ( الرأي )