من تثبيت الأسعار إلى شبكات الأمان

الاتجاه الجديد الذي يلبي الاعتبارات الاجتماعية يقوم على شبكات الأمان التي تؤمن الحد الأدنى من الضمانات لفئات المجتمع، ويتجنب سياسة تثبيت الأسعار والدعم الشامل.
شبكة الأمان ترجمة لقيام الدولة بواجبها تجاه الفئات الأضعف في المجتمع، في حين أن تثبيت الأسعار عملية لولبية متصاعدة، من السهل أن تبدأها حكومة ما ومن الصعوبة بمكان أن تخرج منها حكومة أخرى، وكلفتها متصاعدة ولا تخضع للسيطرة، لأن الأسعار في السوق العالمية متقلبة ويصعب التنبؤ بها فلا يمكن معرفة كلفة التدخل لتثبيت الأسعار عند إعداد الموازنة.
شبكات الأمان تشمل صندوق المعونة الوطنية، التأمين الصحي، التعليم المجاني، كفالة أمراض مستعصية معينة، تأمين البطالة، وما إلى ذلك مما تستفيد منه شرائح اجتماعية معينة لا يحول فقرها دون حصولها على هذه الخدمات الضرورية.
تثبيت الأسعار له تداعيات سلبية عديدة غير التكاليف المالية غير المحددة، فالمعروف أن المستهلك يتصرف بشكل منطقي، فيزيد استهلاكه من العناصر التي تنخفض أو تستقر أسعارها، ويخفض استهلاكه من العناصر التي ترتفع أسعارها، فيستفيد ويخدم المصلحة العامة، في حين يقوم الدعم بتأثير معاكس فيشجع استهلاك المزيد من العناصر المدعومة كالمحروقات والكهرباء والماء.
لا يستطيع أحد أن يقف في وجه شبكات الامان التي يمكن تحديدها حسب إمكانيات البلد وموارده المتاحة، وتنظيم موازنة عامة قابلة للتطبيق بدون مفاجآت. أما نصيب الأسد من الدعم الشامل فيذهب إلى الأغنياء، لأن الاستفادة من الدعم تتناسب طردياًً مع حجم الاستهلاك.
الذين يؤيدون سياسة الدعم الشامل ويدافعون عنها، حتى وهي ممولة بالمديونية، إما أن يكونوا عن وعي أو عن غير وعي أدوات في خدمة ذوي المصالح الكبيرة، وإما أنهم يفتقرون إلى الوعي ويعتقدون أن الشعب والحكومة في حالة تناقض، وأن ما يفيد الحكومة يضر الشعب، والعكس بالعكس.
في الأردن نمارس الدعم الشامل وشبكات الامان معاً، وقد فشلت سياسة الدعم الشامل وأسهمت في تفاقم عجز الموازنة ووصلت إلى طريق مسدود، في حين نجحت شبكة الأمان، مما يفرض على الحكومة الأردنية الانسحاب التدريجي من منطقة الدعم الشامل وتثبيت الأسعار وتتجه إلى تعزيز شبكة الأمان المكرسة لمصلحة من يحتاج الخدمة ويستحقها. ( الرأي )