الإخوان المسلمون والتكيف السياسي والقانوني والفكري مع المرحلة

برغم دخول البلاد والمجتمعات في مرحلة من العمل السياسي العلني القائم على التنافس، فما تزال جماعة الإخوان المسلمين جماعة سرية غير واضحة، لم تعلن بعد قانونها الأساسي، ولا يعرف من هم أعضاؤها، ولا ولاية للمؤسسات القانونية على أدائها التنظيمي، ولا تراقب الانتخابات فيها جهة محايدة، ولا تعتمد نتائجها قانونيا. ورغم أن الجماعة تجادل في قانون الانتخاب، فإنه يحكمها قانون انتخاب داخلي "قروسطي"، لا يسمح للشباب دون الخامسة والعشرين، ولا للنساء، بالمشاركة في الانتخابات. ولا توجد جهة قانونية موثوقة تدقق العضوية والحضور والانتخابات، وقانونية الاجتماعات والتمويل والموارد والإنفاق، وتتقبل الطعون في نتائج الانتخابات وقراراتها العامة.كيف نثق بجماعة هذه حالها في مطالبتها بالإصلاح والوضوح والعدالة؟جماعة الإخوان المسلمين ما تزال في مؤسساتها وآليات عملها وأنظمتها وأفكارها ولوائحها الداخلية لا تتفق مع متطلبات مرحلة العلنية، وما تزال ظروف السرية والعلنية والعضوية وقوانين الانتخاب والترشيح لا تحقق معيارا مؤسسيا كافيا لجماعة سياسية واجتماعية ينظر إليها المجتمع والإعلام على أنها الحركة السياسية والاجتماعية المرشحة للمشاركة الواسعة في العمل السياسي والعام، والتأثير في سياسة المنطقة واتجاهاتها وعلاقاتها الدولية والإقليمية وخريطتها الاجتماعية والثقافية القادمة.فكيف ستطالب الجماعة بقوانين وتشريعات عادلة لتنظيم الحياة السياسية والعامة، ووضوح الإدارة والحكم، وهي لم تغير بعد في أنظمتها الداخلية لتقوم على أسس عادلة وواضحة، ولم تتحول بعد إلى العلنية في العضوية والميزانيات، ولا تعطي النساء إطلاقا، ولا الأعضاء ممن يقل سنهم عن خمس وعشرين سنة حق الترشيح والانتخاب؟وإذا كانت الجماعة سوف تتقدم إلى المشاركة السياسية من خلال حزب جبهة العمل الإسلامي، فما هو دور الجماعة؟ أليست الازدواجية بين الحزب والجماعة هي الازدواجية نفسها التي يقال إن الجماعة تنتقدها في السلطة التنفيذية؟ كيف تكون لقاءات الحكومة مع حزب جبهة العمل الإسلامي موضع احترام وثقة، وتتمخض عن اتفاقات وتفاهمات، إذا كانت الجماعة هي القوة المحركة الحقيقية؟ وفي حال التفاوض مع الجماعة، فما معنى الاتفاق مع الحزب، وما معنى مشاركته السياسية؟ وإذا كانت الجماعة تمارس هذه الوصاية على الحزب، فكيف سيكون الحال إذا شكل الحزب الحكومة أو كان جزءا رئيسا من الحكومة القادمة؟ أين وكيف سوف تتخذ القرارات السياسية والإدارية للنواب والحكومة والوزارات؟ ومع من سيشارك ويفاوض رئيس الحكومة ورئيس مجلس النواب القادمين؟واقع الجماعة القائم غير قانوني وغير لائق سياسيا وأخلاقيا بحق حزب جبهة العمل الإسلامي، وبحق الأحزاب والحكومات والنواب والهيئات السياسية والدستورية في البلد؛ فإما أن تكف الجماعة يدها عن التدخل والوصاية في العمل السياسي والعام، أو تمارسه بشكل قانوني واضح وتنهي الحزب! ( الغد )