الكونفدرالية الفلسطينية؟

تم نشره الأربعاء 13 حزيران / يونيو 2012 01:02 مساءً
الكونفدرالية الفلسطينية؟
د.أحمد جميل عزم

إذا كان توحيد الأجهزة الأمنية والبيروقراطية بين حركتي "فتح" و"حماس" من المشكلات التي تنبه لها كثيرون منذ البدايات، وتوقعوا أن تكون معضلة لتحقيق المصالحة، حتى لو وجد قرار سياسي بذلك، فإنّ معالم الاتفاق الذي يتبلور بين الطرفين يحمل الكثير مما قد يرسم مستقبل العمل الفلسطيني وأزماته، أو سماته.ما يجري ترتيبه بين الضفة والقطاع، أشبه باتفاق مؤقت، لحكم يتأرجح بين الفدرالية والكونفدرالية؛ بمعنى أنّ كثيرا من الترتيبات التي نتجت عن الأمر الواقع في المرحلة السابقة سيبرح مكانه. فتوحيد الوزارات لا يعني أنّ الوزارة في رام الله سيكون لها الكلمة الفصل في شؤون غزة، بل سيكون هناك مسؤول، ربما مدير عام، هو صاحب القرار في كثير من الشؤون في القطاع. وكذلك تم تأجيل توحيد أجهزة الأمن، وسيبقى للفصائل سطوتها وأجهزتها، وربما استثماراتها.مثل هذه الترتيبات في الواجهة أشبه بنوع من الفدرالية، على غرار نظام الحكم في الولايات المتحدة الأميركية، أو الإمارات العربية المتحدة. ولكن السؤال: هل الواقع الفلسطيني شبيه بهذه الدول؟ تطور النظام الفدرالي هناك نتيجة إرث سياسي وتاريخي له خلفيات اجتماعية وطبقية وثقافية، فهل لدى الفلسطينيين مثل هذا الوضع؟ وقد يصل الأمر حد الكونفدرالية، أي أن لا يحدث توحد كامل على صعيد السياسة الخارجية و"مؤسسات الحكم" عموما. فقد أبرمت حكومة "حماس" في قطاع غزة، مثلا، في السنوات الماضية، اتفاقيات مع دول عربية، أو هكذا قيل من قبل هذه الحكومة؛ ومن هذه الدول تونس وقطر، فهل ستبقى خاصة بغزة؟! ثم ستنتقل المسؤولية المالية لوزارات غزة، بمن عينتهم "حماس"، للحكومة المركزية، فهل ستسيطر هذه الحكومة، مثلا، على ضرائب الأنفاق؟ أم ستُغلق الأنفاق؟ لا يوجد لدى الفلسطينيين دولة، وليسوا شعبا مستقلا موجودا على أرضه. وهذا الجهد الضائع في ترتيبات سلطة لا صلاحيات حقيقية لها، انحراف عن فكرة حركة التحرر الوطني. فبدل بحث معضلة الجمع بين السلطة والمقاومة، وبدل معضلة نوع المقاومة المطلوبة، ومعضلة الانسداد الدولي والإقليمي، تستنزف الجهود في نقاش اسم وزير هنا وآخر هناك، وضابط هنا وضابط هناك!السلطة الفلسطينية لا تمثل الفلسطينيين، والإدارة اليومية الحياتية للشؤون الفلسطينية في الضفة والقطاع على أهميتها ليست إلا جزءا من مهام حركة التحرر الوطني التي هي أكبر بكثير من السلطة وأجهزتها. ما يجري الآن من تنافس على السلطة، يستهلك كل الحركة الوطنية، ويُفسد مجمل العمل الفلسطيني.ما يقلل من حجم المخاوف قليلا أنّه بموازاة الحديث عن مصالحة السلطتين، هناك ترتيبات لإعادة إحياء وتفعيل منظمة التحرير الفلسطينية. وهذا يمكن أن يؤدي، أولا، إلى إعادة السلطة إلى وظائفها المحدودة المفترضة، ويعيد تفعيل الحركة السياسية الفلسطينية.يخشى مراقبون، وهم على حق في ذلك، أن "تحدث المصالحة ويبقى الانقسام"؛ فتصبح المستويات القيادية على وفاق، فيما يستمر الانقسام على الأرض، والأهم أن تنتفي فعالية العمل الشعبي الذي هو السلاح الفلسطيني الأقوى.مسألة التفاوض الفلسطيني الداخلي على كل معضلة على حدة هي نتيجة عدم قدرة أو عدم رغبة الأطراف في الاتفاق على استراتيجية عمل وطني جامعة، هذا فضلا عن أن كلا منهما يفتقد إلى استراتيجية. ويمكن أن تكون مثل هذه الحلول الجزئية الانتقالية مقبولة إذا كانت مؤقتة حقا، وجزءا من إعادة بناء العمل الوطني الفلسطيني. أمّا إذا كانت مجرد وجه محسّن للمحاصصة والانقسام، فإنّ هذا سيعمق الأزمة، وسيزيد التأكيد على أن كل الخريطة السياسية الفلسطينية بحاجة إلى تغيير، وأن الفصائل لم تعد آلية العمل المقبولة والناجعة. حل السلطة الفلسطينية خيار لا يجب استبعاده تماما، وبقاؤها أمر ممكن، وقد يكون جزءا من معركة التحرير. ولكن في الحالتين، حركة التحرير أكبر بكثير من السلطة، ومن الضفة والقطاع، ولا بد من استراتيجيات واضحة في الأذهان لكل المعضلات الحقيقية، وليس أسماء الوزراء والمحاصصة: مزاوجة السلطة والمقاومة؟ نوع المقاومة المطلوبة؟ كيفية تحقيق وحدة الشعب؟ تلبية الاحتياجات الحياتية للفلسطينيين في كل مكان والدفاع عن مصالحهم؟ هل نريد مفاوضات؟ ما هو نوع السلام الذي يتحدث عنه الجميع؟ ما هي أهداف العمل الوطني؟ ( الغد )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات