فوز مرسي ووصاية العسكر

تم نشره الثلاثاء 19 حزيران / يونيو 2012 12:25 مساءً
فوز مرسي ووصاية العسكر
ياسر الزعاترة

ما يلفت نظر المراقب في سياق المعالجة التحليلية لنتائج انتخابات الرئاسة المصرية (جولة الإعادة) هو النتيجة الكبيرة التي حصل عليها أحمد شفيق، والذي كان قريبا من الفوز، الأمر الذي يطرح أسئلة كبيرة حول ما جرى.

لا خلاف على أن أخطاء الإخوان وكون مرشحهم هو المرشح الاحتياطي قد ساهمت في هذه النتيجة، لكن الأمر لم يكن ليختلف كثيرا لو كان منافس أحمد شفيق هو حمدين صباحي أو عبد المنعم أبو الفتوح، ومن دفعوا بأحمد شفيق لم يكونوا يخصصونه لمنافسة محمد مرسي، لأن أكثر التحليلات كانت تتحدث عن عبد المنعم أبو الفتوح بوصفه من سيصعد لجولة الإعادة.

لقد كان ما جرى نتاج عملية تزوير واسعة النطاق، لا أعني التزوير المباشر في الصناديق والفرز، بل ما سبق ذلك من أجواء عامة صنعها المجلس العسكري عبر الأذرع المخابراتية والأمنية والإعلامية، والتي ركزت على شيطنة الإخوان وعموم الإسلاميين من جهة عبر حملة شرسة ومدروسة، إلى جانب بث البلطجية وحرمان الناس من الأمن لكي يغدو مطلبا ملحا لهم يسعون لتحقيقه عبر مرشح المجلس العسكري (أحمد شفيق). ولا تسأل عن تردي الوضع الاقتصادي الذي أصاب الكثير من الفئات بالضرر وجرت نسبته إلى الثوار والفوضى التي أحدثتها الثورة.

ما يؤكد هذا البعد الأخير بشكل واضح هي نتائج تصويت المصريين في الخارج، وحيث حصل محمد مرسي على 75 في المئة من الأصوات، وهي نتيجة محسومة وواضحة قياسا بالنتيجة النهائية التي لم تتجاوز 52 في المئة.

وحين بادر المجلس العسكري إلى حل البرلمان عبر ذراعه القضائية (المحكمة الدستورية العليا) قبل أيام من الانتخابات، فقد كان يدفع الأمور لصالح أحمد شفيق أيضا، لاسيما حين شمل القرار رد قانون العزل السياسي الذي أكد حقه في الترشح للجولة الثانية، وقد رأى الجميع كيف تحدث شفيق بعد إعلان قرارات المحكمة بوصفه رئيس مصر، وليس مجرد مرشح للرئاسة.

لقد سعى المجلس من خلال قرارات المحكمة إلى شق صفوف أنصار الثورة، بين من يريد الاستمرار في الانتخابات، وبين من يرى عدم جدوى ذلك ويطالب بانسحاب مرسي وإطلاق الثورة من جديد، وقد أدى ذلك فضلا عن بث الشقاق والنزاع بين قوى الثورة إلى عزوف كثيرين عن صناديق الاقتراع، وهو ما انعكس في النسبة المتراجعة للتصويت، قياسا بانتخابات مجلس الشعب، وانتخابات الرئاسة (الجولة الأولى).

أما “الإعلان الدستوري المكمل” الذي سبق نتائج الانتخابات بساعات فكان حكاية أخرى تؤكد أن المجلس العسكري قد استمرأ لعبة السلطة، وأنه يريد الاستمرار في الوصاية على الشعب والدولة، مستعيدا التجربة التركية التي تمكن حزب العدالة والتنمية بزعامة أردوغان من التخلص منها بالتدريج، وإن بقيت بعض تجلياتها إلى الآن.

وحين يضيف الإعلان إلى سائر الصلاحيات التي منحها للمجلس حق تشكيل الهيئة التأسيسية للدستور (حق التشريع بتعبير آخر)، فهو تأكيد على الوصاية الكاملة على الشعب بعيدا عن ممثليه المنتخبين، بل رئيسه المنتخب أيضا.

تلك إذا دكتاتورية عسكرية بائسة تتلفع بثوب دستوري عبر محكمة عين قضاتها النظام المخلوع، ولا يمكن أن تكون وصية على الشعب بحال من الأحوال، ما يعني أن الثورة اليوم هي ثورة ضد مجلس عسكري يبدو أسوأ من نظام مبارك، ولا يمكن اعتبار فوز مرسي تحقيقا لأهداف الثورة التي لن تتحقق من دون عودة الولاية الكاملة للشعب على سائر شؤونه.

من المؤكد أننا شعرنا بالفرح لفشل الجزء الأخير من المخطط الذي لامس ضفاف النجاح، أعني منح الرئاسة لأحمد شفيق عبر صناديق الاقتراع، لكن ذلك لا يمكن أن يدفع المصريين إلى تجاهل ما جرى، أكان حل مجلس الشعب، أم الوصاية عليه عبر الإعلان الدستوري المكمل.

اليوم يقف المصريون أمام استحقاق الوصاية الجديد، ويتوقع منهم، ومعهم رئيسهم أن يبدأوا رحلة نضال جديدة تنهي تلك الوصاية وتعيد الولاية للشعب (مليونية اليوم الثلاثاء بداية الرد)، وهي رحلة لا أحد يجزم بمداها ولا بتداعياتها القريبة في بلد تتدخل فيه كل شياطين الأرض تبعا لأهميته للعرب والإقليم عموما، فضلا عن تأثيره المباشر على الدولة العبرية. ويبقى أن ثقتنا بانتصار إرادة الشعب لن تهتز أبدا. وقد ثبت أن في مصر شعبا عظيما يلهم أحرار العالم ولا تلين قناته في مواجهة الطغيان. ( الدستور )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات