الإسلاميون على قلب رجل واحد .

حين يقال إن «النظام يعيش أزمة حكم» فهذا صحيح، ويمكن أن نضيف على ذلك، إنه يعاني من تناقضات مع المجتمع أكثر من كونه يتصارع سياسيا مع قوى معارضة.
هذه الحقيقة لا يعترف بها النظام، فأدواته وكتابه ومعارفه ينكرون الأمر ويتجاهلونه ويوجهون سهام انحيازاتهم نحو الحركة الإسلامية، زاعمين أنها تعيش أزمة تحول دون اندماجها في العملية السياسية.
احدهم كتب عنوانا لمقالته «الإخوان يذهبون إلى الظل للحفاظ على بنيانهم المشروخ»، وهذه كلاشيه قديمة لم يدرك كاتبها أنها كذلك وان الحركة اليوم مختلفة متحدة متراصة الصفوف إلى درجة إزعاجها الأدوات بشكل غير مسبوق.
هؤلاء لا يرون الأشياء إلا من خلال سماعة الهاتف، فالنظام يا صديقي هو من يهرب اليوم نحو الصوت الواحد للحفاظ على فساده استمراراً وعدم انكشاف.
يا هؤلاء مشكلة النظام اليوم ليست مع الحركة الإسلامية، إنها مع المجتمع في كل المناطق، في قواعد الدعم التقليدية وفي غيرها على السواء.
ألم تلاحظوا ما جرى في عين الباشا قبل أيام وفي الشوبك حين اجبر أهلها الحكومة تغيير الكادر الأمني، وفي الهاشمية وهنا وهناك تقطع الطريق وتحرق الإطارات.
النظام في أزمة، اعترفوا بذلك، هناك طوق اقتصادي خانق حول البلد، هناك أزمة اجتماعية بدأت تنفجر، وهناك نخب مراهقة موجودة في المؤسسات الدستورية تشعرنا بأنها إما «غايبة طوشة»، أو أنها غير معنية بذهاب البلد نحو المنحدر.
مشكلتكم مش مع الإخوان المسلمين، الإخوان صمام أمان، واقعيون يدركون دقة اللحظة ويؤمنون بأن الحل لن يكون إلا بانعطافة إصلاحية كبرى تكون بقدر حجم الرتق الذي أحدثته الإدارة الأردنية في السنوات الأخيرة.
الإخوان لن يجلسوا في بيوتهم تاركين السفينة تضطرب أكثر وتغرق، لكنهم لن يكونوا هذه المرة ولا بحال من الأحوال جزء من عملية «مكياج» كاذبة تؤخر الانفجار ولا تحول دونه.
من قرب، ومن معرفة، ومن مزاج متزن وموضوعي، أقول إن الحركة الإسلامية اليوم كلها على قلب رجل واحد، وموقفها من الإصلاح مبدأي توافقي يكاد يقتنع به الجمع دون تردد.
إذن؛ العبوا غيرها والتفتوا لحقيقة الأزمة ولا ترموا بحمل فشلكم واستبدادكم على الآخرين، فالوطن محتاج إلى لحظة صفاء تحل به أزماته دون تطبيل لوصفات لا تسمن ولا تغني من جوع. ( السبيل )