الوضع السوري وسيناريوهاته المقلقة

لجوء الطيار لم يؤزم العلاقات الأردنية السورية
دخلت الأزمة السورية مرحلة خطرة من الحسم قد يصل شررها إلى جميع الأطراف وعلى رأسها الأردن، ولم يكن لجوء الطيار السوري إلى قاعدة المفرق العسكرية إلا جزءا من التصعيد الداخلي في سورية، لكنه في نفس الوقت سلط الضوء على الأردن وخطورة موقعه الجيوسياسي في المنطقة .
لم يكن أمام الحكومة إلا استصدار قرار بقبول طلب لجوء الطيار المنشق وإن جاء سريعا وقبل التحقيق معه ومعرفة دوافعه والتأكد من انشقاقه، فهذا هو العرف السائد. وفي نفس الوقت فإن الحكومة تصرفت بهدوء، ولم توتر علاقتها مع الحكومة السورية ،ويبدو أن عودة الطائرة إلى دمشق قاب قوسين أو إدنى، وهي قضية أصبحت مجال اتصال بين العسكريين على جانبي الحدود.
وفي المقابل فإن الحكومة السورية لم تضخم الأمر، ولم تجعل منه أزمة بين البلدين،رغم محاولاتها استعادة الطيار والطائرة قبيل الإعلان عن الواقعة، لكنها وقفت إعلاميا عند حدود اعتباره "خائن"، واكتفت باتباع الأعراف الدولية التي تحكم مثل هذه الحالات.
التقديرات الأمنية الأردنية تشير إلى خطورة الأوضاع في سورية قياسا على المصلحة الوطنية الأردنية ، وهناك توقعات لسيناريوهات متفجرة ، وهذا ما حدا بمسؤولين أمنيين أردنيين على مستويات عالية من كافة المستويات إلى زيارة القطاعات العسكرية على الحدود السورية الأسبوع الماضي لدراسة الوضع على الأرض.
ولا يخفي مسؤول أمني من التأكيد بأن جميع الاحتمالات المتوقعة لا تصب في مصلحة الأردن، فإن بقي الحال في سورية كما هو الآن مواجهات عسكرية دون حسم ، فإن الوضع خطير من جهة زيادة أعداد اللاجئين السوريين التي أصبحت فوق قدرة الجهات الرسمية، وكذلك البنية التحتية في منطقتي الحدود الرمثا والمفرق، وتأثير ذلك على الخدمات والسلع المقدمة للمواطنين الأردنيين بما فيها خدمات الصحة والتعليم والمياه والبيئة.
ويتبع ذلك ازدياد المخاطرالاجتماعية والسياسية التي تحملها كثرة اللاجئين وخاصة إذا ازدادت حدة التناقضات في ما بينهم لأنه من الصعب الافتراض بأن جميع من عبر الحدود هو لاجىء وليس لديه أهداف أخرى غير معلنة قد تربك المشهد الأمني.
والسيناريو الأخطر يتمثل في اتجاهين ، الأول إذا بقي النظام مسيطرا على الحكم وأنهى المعارضة المسلحة وحسم الوضع العسكري على الأرض لصالحه فإن هناك احتمالا لزيادة تدفق اللاجئين عبر "الشيك" أو حتى دخول مجموعات مسلحة من المعارضة هربا باتجاه الأردن، وقد يدفع النظام نفسه نحو هذا الحل للتخلص من تلك المجموعات.
وفي الاتجاه الآخر فإن إسقاط النظام في دمشق وسيطرة المعارضة فإن الأمر قد يؤدي إلى احتمال لجوء قطاعات عسكرية نظامية إلى الأراضي الأردنية وما يخلفه ذلك من فوضى على الحدود.
وهذه الاحتمالات تفسر الحذر الأردني الشديد من الاقتراب من بعض المواقف العربية المتشددة من النظام السوري بما فيها دعم الخيارات العسكرية أو تزويد المعارضة بالسلاح، لكن جلالة الملك حسم الموقف الأردني بضرورة العمل لإيجاد حل سلمي داخلي للأزمة السورية بعيدا عن التدخل الخارجي وبما يحفظ وحدة سورية وشعبها وعلى اعتبار أن الشواهد في المنطقة لا تسر أحدا. ( العرب اليوم )