عض الأصابع .

المحطة الأخيرة لقانون الانتخابات هي الإرادة الملكية، وإذا ما استكمل شروطه فيها سيكون عندها نافذا وملزما على ما استقر عليه مجلس الأمة بشقيه النواب والأعيان. وهو على ما هو عليه من جدل حوله، ولكونه محل رفض فئات وشرائح واسعة فإن عبوره محطته الثالثة سيعد مشاركة لطرف ولجهة مقابل أخرى، وتخل عن شركاء في آن معا، خصوصا ان شخصيات حكومية دخلوا إلى دائرة المعارضين للقانون، وأكثر من ذلك، حذروا مما يحمله من مخاطر وكيف انه قد يفتح أبواب جهنم ويذهب بالجميع إلى المجهول.
سألت المحامي صالح العرموطي إن كان لدينا سابقة بإعادة الملك لقانون إلى مجلس الأمة في وقت ما، فأجاب بالتأكيد لمناسبة قانون محكمة امن الدولة عام 1989 الذي أعاده الملك الراحل الحسين، وكيف عدل ليكون فيها قضاة عسكريون ومدنيون ليوشح بالإرادة بعد ذلك وكيف أن الأمر لقي الكثير من التقدير.
الأمر يعني أن الوقت متاح لإعادة النظر بقانون الانتخابات، والحاجة إلى ذلك مردها إلى أن الملك أراده أصلا قانونا توافقيا فيه اكبر قدر من عدالة التمثيل، وتجمع الآراء حول المعد انه ليس كذلك. ورده لمجلس الأمة ليس فيه انتقاص من السلطة التشريعية، ما دام أن الملك رأس السلطات وصاحب الأمر دستوريا.
عدد رجالات الدولة السابقين والحاليين الذين يحذرون من القانون كما خرج على لا يستهان به، الحركة الإسلامية ترفضه، قوى الوسط المتنور لا تريده، مجموعات اليسار والقوميين تلعنه، الحراك الشعبي الشبابي لا يوافق عليه، قوى عشائرية أصدرت بيانا فيه، النقابيون مخالفون له، خبراء القانون يشككون بدستوريته، مؤسسات مجتمع مدني تراه رجعيا وفيه ردة، فمن هم الذين معه إذن؟! وإذا كان المشهد على هذا النحو فما الذي ينبغي عمله؟!
حري بالمقام استذكار الشيخ الذي جمع الأبناء لتكسير العصي فرادى، ثم جماعات لينشدهم بعد ذلك:
تأبى العصيُّ إذا اجتمعنَ تكسُّرا
وإذا افترقنَ تكسرت آحادا
( السبيل )