الرئيس الروسي في عمان

غياب الدور الروسي أدى إلى تراجع وزن القضايا العربية
عندما يفتش الانسان العربي في جيوبه وذاكرته عن علاقته بالشعب الروسي وقبله السوفييتي لا يجد، سوى الذكرى الطيبة نتيجة مواقف الروس والسوفييت المبدئية في دعم حركات التحرر في البلاد العربية ومدّها بالسلاح والمال اضافة لدورها الكبير في المساهمة بمشاريع التنمية والإعمار في العديد من البلدان؛ وخير شاهد على ذلك الدور الروسي في بناء السد العالي في مصر.
ورغم حروب التشكيك والتشويه وتسويد السمعة التي كانت الولايات المتحدة الامريكية وحلفاؤها تتخذها ضد الاتحاد السوفييتي في السر والعلن إلا ان صفحة "الرفاق السوفييت" ما زالت ناصعة البياض.
وخير دليل على ذلك أن" الامبريالية الامريكية " فشلت في غثبات صحة حملاتها السوداء المسعورة على الاتحاد السوفييتي السابق والحزب الشيوعي ولم تستطع الكشف عن أي وثيقة او موقف سوفييتي واحد "مشبوه او تآمري كان قد مارسها القادة السوفييت ضد مصالح البلدان العربية "، رغم ان الارشيف السوفييتي اصبح متاحا للباحثين، عن حقبة الخمسينيات والستينيات والسبعينيات.
بل على العكس ، لم يمارس الروس والسوفييت الادوار القذرة التي كانت تمارسها المخابرات الامريكية حول العالم ، من سياسات الاغتيال او الانقلابات العسكرية او غيرها من الاساليب التي تتنافى مع مبادىء العدالة والحرية والديمقراطية التي وضعها الآباء المؤسسون للولايات المتحدة الامريكية . ولا شك بان تردي حال العرب وتراجع وضعهم ووزنهم السياسي جاءت نتيجة تصرفاتهم اولا لكنه ايضا بـتأثير
من انهيار الاتحاد السوفييتي و شيوع سياسة القطب الواحد وما جرّه من مآس على القضايا العربية، وفي مقدمتها قضية فلسطين المنطقة العربية و رفض اسرائيل لمبدأ حل الدولتين .
ورغم تراجع الدور الروسي في العالم الا انه اصبح اكثر تأثيرا في القرار الاسرائيلي نتيجة التركيبة السكانية وارتفاع اعداد المهجرين الروس الذين اصبح لهم وزن في السياسة الاسرائيلية وهو ما يأمله العرب بأن تساعد القيادة الروسية في الضغط على اسرائيل حتى تفوت فرص السلام المتاحة.
الرئيس الروسي فلاديمر بوتين يعود لمنصبه وسبق ان انتقد الهيمنة الامريكية واسلوبها في إدارة العالم، وهو ما يبعث الامل من جديد في القيادة الروسية التي باتت اكثر حرصا على مصالحها و مسؤولياتها امام شعوب العالم ولا تقبل ان تكون في صفوف المتفرجين.
شخصيا اكن للشعب الروسي كل الاحترام والتقدير وقد حظيت بفرصة الدراسة في جامعة موسكو الحكومية في الفترة ما بين 1979-1985 ، فقضيت فيها ست سنوات هي اجمل لحظات عمري، تعرفت خلالها على الشعب الروسي عن قرب، ورغم انني عدت الى تلك البلاد بعد 22 سنة من تخرجي، فوجدت الامكنة التي اعرفها ولم اجد الشعب الذي كنت اعرفه، الا اننا ما زلنا نأمل باستعادة روسيا لدورها الذي يتناسب وعظمتها ومصالحها.
إن العلاقة المتجددة بين روسيا الاتحادية والاردن في جميع المجالات والدور الكبير الذي يلعبه جلالة الملك عبدالله الثاني والرئيس فلاديمير بوتين في توطيد تلك العلاقات هي بادرة امل في ان يكون الحضور الروسي في الشرق الاوسط كبيرا . ( العرب اليوم )