فـي مقـتـل الرئيـس

تطلّب الأمر قنبلة “نووية” صغيرة لقتل الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، ومنذ برز أبو عمّار قائداً للثورة الفلسطينية في نهايات الستينيات وحتى مقتله المفاجئ ظلّ هدفاً دائماً للاغتيال، عبر كلّ الوسائل المتاحة، ولكن الوصول إليه بهذه الطريقة الوقحة يثير مزيداً من الأسى والحزن، فقد كان محاصراً في مكتبه، ولا يحيط به سوى قليل من المقرّبين.
المختبر المتطوّر أثبت أنّ كلّ ملابس عرفات كانت مشبّعة بالبولونيوم، حتى طاقيّته المشهورة كانت كذلك، وخطورة الأمر أنّ على أصابع الاتهام أن تتوجّه إلى المحيطين به، ودون تسرّع في إتّهام أحد بعملية معقّدة فإنّ العقل لا يمكن أن يستوعب وصول البولونيوم إلى هناك ببراشوت، أو عبر الهواء، فهناك، إذن، من شارك في القتل.
لم يصدّق أحد أنّ عرفات مات ميتة طبيعية، وخرج الكثير من النظريات ومنها دسّ السمّ في الطعام أو الشوكولاته، وظلّ طبيبه الراحل أشرف الكردي يصرخ مطالباً بالتحقيق دون أن يلتفت إليه أحد، وكلّ ذلك الماضي كان مجرّد تكهنات، أمّا الان فقد ثبت أنّه قُتل، وبين أيادينا أداة الجريمة أيضاً.
السلطة الفلسطينية تطالب العالم بتحقيق دولي، ونحن نطالب بتحقيق فلسطيني أولاً حتى لا يضيع الدم بين القبائل، وقبل أن نصل إلى المتّهم الرئيسي الذي لن يخرج عن تل أبيب وواشنطن، علينا أن نصل إلى ذلك، أو هؤلاء، الذين قتلوا ياسر عرفات لصالح ضياع القضية في متاهات التنازلات. ( الدستور )