هذا الشلل في العقبة الخاصة !

الشلل الذي أصاب مرافق سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة على مدار اكثر من اسبوع يبدو انه مرشح للاستمرار على نحو اكثر تأثيرا، حتى لو تمت تهدئة خواطر المعتصمين الذين يزيد عددهم على المئتين من كوادرها عن طريق صرف بعض الوعود وتلبية الجزء اليسير من المطالب، لأن الازمة ابعد من ذلك بكثير وتصل الى عمق هيكلة هذه السلطة التي فرقت بين المنتسبين اليها لتحولهم الى فئة يمكن اعتبارها قليلة نسبيا من المحظوظين، واغلبية عامة محسوبة عليها لكنها تعاني الامرين من سوء الاحوال وتدني الرواتب وانعدام الامتيازات ! .
ما يجري في العقبة الخاصة ليس مجرد توقف عن العمل ادى الى تعطل النافذة الاستثمارية الواحدة المخصصة لخدمة المستثمرين والمواطنين واجراءات العمل، بل يتجاوز ذلك بكثير ليفتح من جديد ملف سلطة العقبة الاقتصادية الخاصة الذي لم يتجاوز العقد من الزمن، ليعرقل انطلاقتها في اجتذاب الاستثمارات لثغر الاردن الذي كان باسما في بدايات عملها، قبل ان تعصف بها التخبطات الادارية والمالية لتعطل العديد من مشاريعها وتصيبها بحالة من الترهل المبكر والعجز عن اداء دورها الرئيسي.
"الشرخ الكبير" في الرواتب والامتيازات وفقا للمصطلح الذي اطلقه البعض على ما تواجهه سلطة العقبة من تحديات جادة، بدأ قبل حوالي ست سنوات وعلى وجه التحديد منذ العمل بنظام التسكين الوظيفي الذي حرص على توفير دخول ومزايا يمكن اعتبارها خيالية ينعم بها من يأخذون كل ما يطلبون ولو عن غير وجه حق وهم كثر، في حين اصاب الآخرين من الكوادر ما قد يصل الى حد الظلم في كل شيء لانهم ظلوا خارجه او تطبيقه عليهم باجحاف، وهذا ما اوصل النظام برمته الى هيئة مكافحة الفساد التي عطّلت العمل به حتى إشعار اخر منذ عام 2007م وحتى الان.
معظم الذين ينفذون الاضراب عن العمل في العقبة الخاصة لا تزيد رواتبهم على الخمسمئة دينار شهريا في حين يحصل الآخرون على الالاف مع منافع خاصة لا حصر لها، وهم يطالبون بتثبيت عمال المياومة الذين تم تعيينهم بعد 1/10/2006 مع مساواة رواتب الموظفين المثبتين حديثا مع زملائهم في الكادر حسب المسمى والدرجة الوظيفية، بالاضافة الى صرف بدل السكن لانه يلتهم الدخول المتواضعة وذلك اسوة بموظفي مؤسسة الموانئ والهيئات والمؤسسات المستقلة الاخرى، وايضا العمل على فتح ملف التسكين المُعلّق دون ان تلوح بارقة امل لإعادة العمل به بعد تصويب مخالفاته الشديدة.
ربما يكون مجلس موظفي سلطة العقبة الخاصة عاجزا حتى الان عن مواجهة حالة التأزم التي تفرض نفسها وهذا ما دعا الرئيس للاستقالة، لانها ناتجة عن تراكمات ليست وليدة هذه الايام فقط إنما تعود الى فترات سابقة من التخبط الذي عانت منه طويلا، مما ادى الى ارتباك هذا المشروع الوطني الكبير الذي كان ليعول عليه في تحويل العقبة الى قصة نجاح اردنية الا ان اخفاقات كثيرة حالت دون ذلك، ليسود الشلل في مرافقه من جديد بعد ان تعززت الآمال بعودة الحياة الى بعض المشاريع المتوقفة .. ولعل مجلس الوزراء يحاول إنقاذه مما هو فيه من خلال اجراءات تراعي حساسية ما يحدث في العقبة وآثاره على استثماراتها الحالية والقادمة . ( العرب اليوم )