مناف طلاس ..البداية أم النهاية؟

الان وقد ضرب الانشقاق في الجيش السوري في مواقع متقدمة بانشقاق العميد مناف طلاس فقد ظل مصطفى طلاس الأب الهارب بهدوء ..ابن الرستن من حمص وأحد أبرز العسكريين السوريين من الطائفة السنية قائداً للجيش السوري برتبة عماد..بقي النظام يستلزمه الاستعانة بأسماء من السنة مثل عبد الحليم خدام نائب رئيس الجمهورية والذي انشق عن القيادة السورية التي آلت لبشار الأسد بعد ان خدم خدام مع والده حافظ لسنوات طويلة وظل يدافع عن سياساته بتطرف حتى وهو يقصف حماة ويقتل الالاف من أبنائها عام 1982 ولكن خدام وخاصة بعد مقتل الحريري رئيس وزراء لبنان الذي اتهمت سوريا بالوقوف وراء اغتياله اختار ان يغادر الى المنفى وأن يبقى بعيداً عن المعارضة السورية النشطة التي تطالب باسقاط النظام..
من نفس الغطاء كان فاروق الشرع الذي سمي بنائب للرئيس بعد أن عمل وزيراً للخارجية وهو الان في طي النسيان لا مهمات ولا دور وهناك من يرى انه في الاقامة الجبرية ومنهم من يصل الى القول أن مقربين من الأسد قد ضربوه وأهانوه وان بثينة شعبان قد هزأته وتجرأت عليه!!
العميد مناف طلاس وهو قائد لواء من الحرس الجمهوري فرّ بجلده من اتون الصراع وقد ترك رسالة قال فيها «انه لم يدخل المؤسسة العسكرية يوماً ليرى جيشه يواجه شعبه»..وقال «انه لم يوافق على العمليات الاجرامية والعنف غير المبرر الذي سار عليه نظام الاسد»..ودعا الضباط السوريين «ان لا ينجروا الى القتال ضد شعبهم» ..وأقر في رسالته «بشرعية نضال المعارضة على الارض» شاكراً من هربوه وعائلته خارج البلاد وواعداً بمزيد من كشف الحقائق قريباً ..وبانشقاق مناف طلاس الذي حاولت اجهزة الأمن والاعلام السورية تشويهه وأنها قد علمت بانشقاقه وحتى خروجه وراقبت ذلك من أجل أن تشكك المعارضة والشعب السوري في موقفه وتحرق هذا الموقف وتمنع الاستفادة منه..الا أن هذه المهمة لأجهزة المخابرات السورية لن تثمر ولن تصمد فقد انتهى تأثيرها بعد اطلاقها مباشرة..
قد يكون لمناف طلاس دور في اعادة تشكيل وتجميع القوى العسكرية السورية المنشقة في الجيش الحر وقد يكون له دور في اعادة بناء المعارضة باعتباره قادماً من الداخل وباعتباره عسكرياً وأيضاً لامكانية تأثيره على غيره من ضباط الجيش..(قد..هنا للتشكيك وليس للتأكيد)
فهل سيكون طلاس الخرزة الضائعة أو الرقم الموصل بين المعارضة والنظام؟..وهل يشكل وجوده على رأسها عنواناً لابقاء المؤسسة العسكرية تنجو من الحل او التدمير والقدرة على التعامل معها ومعرفة خباياها المعقدة كون الجيش السوري الذي حوله الأسد الأب ليكون اداة لحماية النظام أكثر منه جيشاً وطنياً (حماة الديار) وإلا لماذا تأخر انحياز هذا الجيش للمواطنين الذين يقتلون منذ أكثر من سنة ونصف دون ان ينقلب لحمايتهم كما حدث في مصر..
انشقاق مناف ليس في المؤسسة العسكرية فقط وانما داخل عائلة الاسد باعتبار مناف كان صديقاً شخصياً لبشار كما كان والده صديقاً لحافظ الأسد وباعتبار ان أخت مناف طلاس ناهد وهي أرملة تاجر السلاح السعودي أكرم عجة وكانت تربطها بأسماء الأسد زوجة بشار وبالرئيس نفسه علاقات خاصة مكنتها من تهريب والدها وشقيقها رجل الأعمال فراس وأخيراً الضابط مناف..
انهيار العلاقات القريبة من رأس النظام تتالى فقد كان هروب خدام قد جرى احتواؤه آنذاك أما هروب مناف طلاس فإن احتواءه الان صعب سيما وأنه قادر أن يفضح الكثير من الاسرار المتأخرة بعد الاحداث في سوريا خاصة داخل المؤسسة العسكرية والكثيرون لا يعتقدون ان مناف لن يذهب الى المنفى ليتمتع بالسيجار الذي كان يدمنه أو الحياة الناعمة التي توفرت لعائلته حيث لقب «بالأمير» وانما سيكون له مهمات أخرى كبيرة قد تفتح له باب القيادة القادمة التي تحافظ على عدم انهيار المؤسسة العسكرية او حتى عدم الدخول الى تصفيات واسعة أو حرب أهلية ..
والسؤال هل تقبله المعارضة قائداً..وهل يجد النظام بعد الأسد في مناف نجاة سيما وأن مناف قال «ان الحل السياسي لم يستنزف بعد» ولهذا معناه في أوساط المعارضة والحكم.
( الرأي )