كل هذا على المسرح السوري!

أن يمتنع كوفي أنان عن حضور مؤتمر باريس «لأصدقاء سوريا»، وأن يذهب من طهران إلى بغداد بعد رحلة عادية غامضة إلى دمشق!!. وأن يحمل كل ثقل هذه المعجزات الدبلوماسية إلى مجلس الأمن مع مشروع قرار روسي يدعو لوقف العنف في سوريا مدة ثلاثة أشهر. فذلك كله ناتج عن معرفة السياسي الدولي العتيق بأن القرار الأميركي والأوروبي مشلول ومعوّق.
- نعرف حجم النفوذ الإيراني في سوريا، وربما نفهم سبب زيارة أنان لطهران، ولكن ما علاقة بغداد المالكي بالأوضاع في سوريا، ومحاولة وقف التذابح فيها، إذا كانت حكومة المالكي ذاتها غير قادرة على وقف حمامات الدم اليومية التي تعيشها بغداد والحلة وكركوك والرمادي وكل مدن العراق؟!.
- ثم هل رتب الأمين العام السابق أنان قصة العميد طلاس مع السلطات السورية، أم أن الرجل ما تزال إقامته لغزا؟!. هل غادر عن طريق تركيا إلى باريس، وتركيا تنكر ذلك؟ هل مرَّ من لبنان؟!. هل مرّ من الأردن دون علم الدولة وأجهزتها؟. أم أن الرجل ما يزال مكانه في دمشق، وأنه يلمع شعره الأسود الطويل لرئاسة الوزراء المقبلة أو وزارة الدفاع.. باعتباره رجل الحل الذي خرج من عُب النظام، ويحمل لقب المنشق، السنيّ، الذي قدم أبوه من الرستن معقل الثورة في شمال سوريا، ونسي مكان ولادته في موجات عشقه للورد الشامي وجينا لولو بريجيدا، ومؤلفاته فيها؟!.
كانت دمشق دائماً مسرح الدراما القومية العربية، وكانت تحمل لقب قلب العروبة النابض. دمشق الآن كل شيء غير تلك الدراما، وغير ذلك القلب. فنحن نشهد منذ عام ونصف مسرحية كوميدية، بدستورها الجديد غير القابل للنشر، وبانتخاباتها النيابية التي لا تعلم أجزاء سورية كثيرة عنها شيئا، ونشهد مسرحية اللامعقول على مداها الدولي.. في مجلس الأمن الذي لا يتفق على أن في سوريا ما يستحق الاهتمام، ومهمة كوفي أنان التائهة بين دمشق وموسكو وطهران وبغداد.. ومحطتها النهائية في نيويورك حيث يتقن الكبار لعبة طبخ الحصى، وتقديمه لمليوني سوري لاجئين في وطنهم وفي تركيا ولبنان والأردن وشتات العالم!
الذين ينتظرون شيئاً من اجتماع مجلس الأمن اليوم سينتظرون طويلاً.. فأميركا وأوروبا غير معنيتين، وروسيا تتابع أوضاع سوريا من خلال جمهورية الشاشان والمجاهدين. وتعرف أن دول الخليج العربي غير قادرة على الضغط عليها، والمعارضة السورية تجد نفسها في الحل العسكري الذي لا تملك غيره! ( الرأي )