الملك يطفئ ظمأ " طيبة الكرك "

تم نشره السبت 21st تمّوز / يوليو 2012 12:24 مساءً
الملك يطفئ ظمأ " طيبة الكرك "
نبيل غيشان

رسالة ملكية للحكومة بضرورة النزول للميدان.
وأخيراً لم يكن من حلٍّ سوى أن يذهب جلالة الملك عبدالله الثاني من المطار إلى قرية "الطيبة" في محافظة الكرك ، من اجل أن يحل مشكلة ظمأها إلى الماء التي استمرت عدة سنوات.
إنها رسالة ملكية إلى المواطن بأن " لا حق يضيع ما دام وراءه مطالب "، وهي رسالة تشير إلى تقصير الحكومات في حل هذه المشكلة المستعصية التي جعلت أهل القرية يتوقون ليس للماء بل أيضا إلى ظمأ المواطنة والتساوي مع الآخرين .
في هذه الزاوية قبل وقبل ثلاث سنوات تناولت قضية " طيبة الكرك " وكيف أن الأهالي اضطروا للمجيء إلى عمان في 28 تموز من عام 2009، شيبًا وشبانًا ، جاؤوا تقلُّهم خمس حافلات تاركين بيوتهم وأشغالهم وزراعاتهم ومواشيهم للوقوف أمام مبنى رئاسة الوزراء لتذكير الحكومة بأن مأساة البلدة مستمرة من اجل الحصول على رشفة ماء!
لقد كان أهل الطيبة حضاريون في أسلوب احتجاجهم الذي اتبعوه للتعبيرعن أوضاعهم المأساوية ، فأعدّوا رسالة رقيقة لرئيس الوزراء آنذاك نادر الذهبي ، انغمست فيها المعاناة بحبر الولاء للوطن والقيادة الهاشمية من دون شطط في المطالب أو إمعان في التهديد، ولم يلجأ احد منهم إلى الشتائم أو رمي الحجارة بل قالوا في رسالتهم تلك : "آسفون لأن قدومنا من بلدتنا ليس للتهنئة بأعياد أو إنجازات للوطن بل للحديث عن وجع في هذا الصيف المؤلم".
وقتها تمنيت أن أصافحهم يدا بيد، لأقول لهم "أنتم العزوة ، وأنتم حماة النظام ، وانتم الصابرون على قسوة الطبيعة و ظلم الأهل، انتم أحفاد قدر المجالي وابراهيم الضمور وحسين باشا الطراونة" ومع ذلك لم تنته معاناتهم ، بل استمرت وعبرت ست حكومات، لكن دون ان يجدوا الماء في بيوتهم.
يا الله ! كم هي صغيرة مطالب هؤلاء الأردنيين الصادقين والصامدين في قراهم النائية ؟ ماذا لو قرر سكان بلدة الطيبة الاثنا عشر ألفا مغادرة بلدتهم احتجاجا على عطشهم ورحلوا مع أولادهم وماشيتهم وسكنوا في مشارف عمان؟
إذا كان أبناء الطيبة لا يستطيعون الاحتجاج على حكم الجغرافيا الذي وضعهم أباً عن جد، في أقصى الجنوب الأردني وفي منطقة نائية، فإنهم يستطيعون الاحتجاج والاعتراض على قسوة الشراكة في الوطن الواحد التي لم تستطع أن ترد عليهم ظمأهم للماء.
تصوروا معي لو أن حيّاً في عمان لم تصله المياه لمدة أسبوعين أو لثلاثة، بصراحة لقامت الدنيا ولم تقعد في وسائل إعلام الحكومة والقطاع الخاص وقبة البرلمان، فمبدأ العطش مرفوض ، لكن مصيبة سكان الأطراف في بعدهم عن "العين" الذي أورثهم البعد عن "القلب" وزاد من إهمال الحكومات لهم.
والغريب في الأمر أن عمان تشرب ماء من اللجون/ الكرك بينما أهل الكرك عطاش:

كالعيس في البيداء يقتلها الظمأ

والماء فوق ظهورها محمول

مأساة بلدة الطيبة تتكرر كل يوم في الوسط والشمال والجنوب ، و تحولت إلى مناطق طاردة للسكان، فعمان أصبحت الأردن وخارجها ، قلما تجد ظروفا تستحق البقاء والمعيشة والمتمثلة في قلة فرص العمل وقلة الخدمات العامة، وانعدام كل ظروف الحياة الطبيعية ، لكنهم متمسكون بأرضهم لا يرضون عنها بديلا.
يستحق هؤلاء الصادقون الشجعان من الحكومة تلبية مطالبهم فورا ، لأنهم لا يطلبون ترفا أو امتيازا عن غيرهم، بل يطلبون شرطا من شروط البقاء والحياة، لا بل يستحقون اكثر من ذلك ، لان كل ما يمكن أن يقدم لهم هو إسهام في صمودهم على ارضهم يحرثون ويزرعون ويربون ماشيتهم، انهم ثروة وطنية تجب المحافظة عليها.
وعلى الحكومة ووزرائها أن يتعظوا من رسالة الملك . ( العرب اليوم )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات