ساعدونا لكي ندافع عنكم..!

يعتب علينا بعض المسؤولين لأننا ننتقدهم، يقولون: أنتم تفتحون أعينكم على السلبيات وتغمضونها عن الانجازات، تسنوّن اقلامكم لتشويه الصورة وتعطيل المسيرة بدل أن توجهونها “لتحسين” الواقع وتصحيح المسار، أنتم تدغدغون عواطف الناس وتبحثون عن “الشعبية” وتبالغون في التشخيص والوصف، بدل أن تهدئوا الخواطر وتطمئنوا الصدور وتنشروا الأمل.
نفهم العتب – وحتى الغضب ايضاَ – لكننا بصراحة نبحث عن انجازات ندافع عنها فلا نجد، نتمنى أن يتوافق الرسمي مع الشعبي فتصدمنا فجوة الثقة بينهما، نفتش عن مقررات مقنعة لنتبناها فنفاجأ بعكسها تماماً.
هل بوسعنا مثلاً أن ندافع عن قانون انتخاب تتوسع كل يوم جبهة الرافضين له، أو عن اصلاحات سياسية استدارت الى الوراء، أو عن خطاب يتعمد استفزاز الناس، أو عن قرارات اشعلت نيران الغلاء، او عن مواقف واجراءات جرحت “اليتامى” المعتصمين على الدوار، واحبطت “الفنانين” الذين ما زالت مطالبهم معلقة.
نترك لكم مهمة الدفاع عن أنفسكم، ونفتح قلوبنا لاستقبال ذبذبات مقرراتكم، ونغمض اجفاننا احياناً على “تصريحات” تزعجنا، ولكن رجاءً اتركوا لنا أن نعبر عن “الضمير العام” وأن ندلكم عن الخلل، وأن ننقل لكم جزءاً من صوت الاغلبية الذي لم يصلكم بعد.
ساعدونا لكي ندافع عن مقرراتكم، فنحن لسنا هواة “انتقاد” ولا خصومة لنا معكم، نجتهد مثلكم في خدمة البلد، ونعترف اذا اخطأنا ونعتذر، نريد أن ينام اطفالنا بأمان، ويترعرعوا بكرامة، ونريد أن يستعيد بلدنا عافيته وأن نضمن له عداً أفضل.
لكم قناعاتكم ولنا تصوراتنا، نفهم اضطراراتكم فقدروا خياراتنا، نحب – مثلكم – البلد فلا تحرمونا من الاحساس به، وجسّ نبضه ومناقشة قضاياه.. هذا حقنا البسيط الذي انتزعناه، وهو واجبنا الذي لا يمكن أن نتنازل عنه.
الوطنم يتسع الجميع، فلنتفق على أن نعيش فيه ونتفاهم، بلا اقصاء ولا استقطاب، بدون أي تصنيف لمن هم داخل “الملّة الوطنية” ولمن هم خارجها، نتقارب ولا نتغالب، نتعارض ولا نتصارع، نتشارك فيما اتفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضاً فيما اختلفنا فيه.
ساعدونا لكي نحتكم “للعقل” بدل أن ياخذنا صوت “الجنون” الى المجهول، ان لم يكن من أجل القيم التي تجمعنا فمن أجل مصلحة “اجيال” قادمة لا نقبل أن نورثهم مزيداً من الأزمات، إن لم يكن من أجل “وطن” تقاسمنا فيه المحنة والنعمة فمن أجل أن تستريح ضمائرنا في لحظة الحساب العسير.
لا يسعدنا أبداً أن تنتصر أنانيتنا ويخسر الوطن، أو أن نكسب مواقعنا وامتيازاتنا ويفقد شاب واحد في بلدنا ما تبقى لديه من أمل.. أو ينام وهو مظلوم.. أو يحزم حقائبه للهجرة.. أو أن يتحسر على حلم جاء ثم تبخر.
(الدستور)