الأسد والخروج الآمن..!

خيارات الرئيس السوري بشار الاسد باتت محدودة للغاية بل في الواقع اصبحت محصورة في خيار واحد وحيد وهو ادامة العنف والقتل وبوتيرة اكبر واكثر دموية وهو خيار اثبتت الاحداث على مدى اكثر من عام ونصف العام هي عمر الثورة السورية انه خيار فاشل ومرهق، وان عامل الوقت الذي كان في البداية يصب لصالح الة القمع التى يملكها النظام تحول الان لصالح الثوار والثورة، ففي كل يوم مزيد من الانشقاقات في الجيش ومزيد من الانشقاقات في السلك الدبلوماسي والبرلمان ومؤسسات الدولة المختلفة، وهي انشقاقات تتراكم بصورة كمية قادرة في لحظة ما من احداث التغيير النوعي المتمثل في سقوط النظام ورأسه.
المقترح الذي تقدمت به الجامعة العربية للاسد في الخروج الآمن جاء منسجما تماما مع واقع الحال الذي وصل اليه وضع الرئيس الاسد والنظام الاسدي، ولكن كما هي عادة «الطغاة» الذين يفقدون اية صلة بما يحيط بهم نتيجة الغرور او الوهم سارع الاسد الى رفض هذا المقترح الذي سيصبح مع مرور الوقت وفي لحظة تاريخية معينة امرا صعبا ومستحيلا، ورد فعل الاسد السريع على المقترح العربي لم يكن الا تعزيزا لقناعة الكثير من المتابعين والمهتمين بالشان السياسي ببعده السيكولوجي من ان «الطغاة الدمويين» لا يعترفون بالواقع او لا يحسون به او منفصلون عنه بواقع اخر في عالم الوهم، وفي التاريخ القريب نجد ان هذا السلوك للطغاة هو القاعدة وخلافه هو الاستثناء، لقد سخر صدام حسين من مبادرة الشيخ زايد رحمه الله التى تضمنت مقترحا بتنحى صدام واقامته هو وعائلته في الامارات لتجنيب العراق ويلات الحرب والتى قدمت لممثل العراق عزت الدوري في قمة شرم الشيخ عام 2003، لم يكتف العراق الرسمي بالرفض فحسب بل تطاول وقتها الدوري على الشيخ عبد الله بن زايد الذي كان وزيرا للاعلام ووصف الموقف الاماراتي بانه متخاذل، وقبل اشهر حاولت الامارات مرة اخرى انقاذ الموقف في ليبيا واقترحت ايضا مخرجا آمنا للقذافي والاقامة هو وعائلته في الامارات مقابل التنحي وتجنيب ليبيا الحرب وويلاتها ايضا الا ان القذافي وعلى خطى صدام حسين سخر من المقترح واصر على عناده وراينا كيف انتهى به الامر جثة هامدة وكيف تشتت شمل عائلته وبصورة مأساوية.
الاسد وبرفضه السريع لفكرة الملاذ الآمن التى اقترحتها الجامعة العربية يكون عمليا قد رسم لنفسه صورة قريبة او تكاد تكون مطابقة لما حدث لصدام حسين وعائلته ولمعمر القذافي وعائلته.
الطغاة لا يرون الغد او المستقبل بل هم في الواقع اسرى اللحظة، ولو كان الطاغية ايا كان يفكر في الغد ربما لتردد في اتخاذ الكثير من القرارات ولربما تملكه الشعور بان فعل اليوم هو بانتظاره غدا ومهما كانت ادواته في تطويع اللحظة واعتقالها والقبض عليها لن ينجح في ادامتها لتصبح حالة دائمة او ابدية.
( الرأي )