ترحيل المشكلة - إلى متى؟

الوضع المالي أصبح لا يطاق وخاصة فيما يتعلق بالحكومة ومؤسساتها العامة: مصفاة البترول تطالب شركة توليد الكهرباء بملبغ 411 مليون دينار، وتطالب وزارة المالية بمبلغ 279 مليون دينار، وتطالب جهات حكومية مختلفة بمبلغ 51 مليون دينار، كلها مستحقة وغير مسددة لعدم توفر السيولة بسبب الخسائر الفادحة التي تحققها تلك الجهات المدينة مما يجعلها غير قادرة على دفع التزاماتها.
من جهة أخرى قطعت شركة الكهرباء الأردنية التيار الكهربائي عن وزارة المياه والري لأنها عاجزة عن تسديد سبعة ملايين دينار مستحقة ولا عجب، فالماء يباع بخسارة، وسلطة المياه بحاجة مستمرة لحقنها بالسيولة عن طريق الاستدانة من البنوك بكفالة الحكومة لتعويض تلك الخسائر.
تعرف البنوك أن السلطة لن تسدد قروضها في مواعيد استحقاقها، فهي في الواقع تعتمد على كفالة الحكومة وقيام وزارة المالية بالتسديد من أموال مقترضة، أي أن ما يحدث هو آلية للتأجيل وترحيل الالتزامات للمستقبل، بالإضافة إلى لعبة محاسبية مكشوفة هدفها تجنب إيراد كلفة دعم الماء والكهرباء ضمن النفقات المتكررة في الموازنة العامة، لأن إيرادها من شأنه أن يكشف ضخامة العجز الحقيقي ومدى فشل السياسة المالية وسيرها في طريق مسدود بانتظار معجزة.
هذا ليس كل ما هنالك، فالمقاولون يطالبون بدفع استحقاقاتهم، والموردون يطالبون بتسديد مطالباتهم، وكشف الرواتب العادية والتقاعدية، المدنية منها والعسكرية في حالة تضخم مستمر، وكلفة الفائدة على التسهيلات المحلية في ارتفاع، والمنح المالية العربية معلقة لحين الاستجابة لشروطها.
في الوقت ذاته تواجه الحكومة اعتصامات موظفين يطالبون بالمزيد من الحقوق، ولا أحد يتحدث عن الواجبات، فلعل الحكومة تعلن الاعتصام حتى يقوم الجميع بواجباتهم، وحتى يقـدروا ظروفها ويحاولوا مساعدتها وليس الطمع فيها.
تعهدت الحكومة بإيصال الدعم إلى مستحقيه حيث انه يصل الآن إلى الجميع دون تمييز، وليست هناك مؤشرات على التقدم في هذا المسعى الذي ما زال على الورق. وهنا يجب ان يعرف الجميع بأنه إذا فشلت الحكومة في وضع خطة وتنفيذها لإيصال الدعم إلى المستحقين، فإن الدعم سوف ينقطع عن المستحقين وغير المستحقين على السواء، فالوضع الحالي غير قابل للاستمرار.
تمويل الدعم بالمديونية أعادنا إلى أعتاب صندوق النقد الدولي.
( الراي )