السير في مدننا.. فلنفكر بطريقة أوسع!

الانفاق في شوارع عمان العريضة، وفرت توقفات كثيرة للسيارات أمام الإشارات الضوئية، وأعطت لحركة السير نوعاً من الانسيابية لكن الشارع لا يزال مكتظاً، والانسيابية التي تريح السائق سرعان ما تنتهي باختناقات حول الدواوير، وفي التفرعات الكثيرة لعقد الحركة كدوار جمال عبدالناصر، والدوارين السابع والثامن وأماكن كثيرة.
في آخر رحلة إلى أوروبا لاحظت أن هناك إشارات ضوئية أكثر من اللازم في الشوارع الطويلة.. وخاصة في غياب التقاطعات التي تبرر هذه الاشارات وجاءني الجواب سريعاً: إن هذه الاشارات تخفف الانسيابية، ولا تشجع على السرعة، وتنتفي بالتالي عقد السير التي تكون عادة في المناطق القديمة من المدينة، وحول الأبنية التراثية!!.
الانسيابية مريحة. ومن المطار حتى وسط المدينة تصادفك ربما ثلاثة مواقع اشارات ضوئية، وهذا ما لم تستطع بلدية باريس تحقيقه من مطار شارل ديغول، ولم تستطع الجسور العلوية الكثيرة التي اقامتها محافظة القاهرة ان توصل ساحة التحرير بمطار القاهرة دون عوائق!!.
الحل في عمّان،.. الحل الجذري هو النقل العام المنظم النظيف الذي يقنع المواطن باستعماله بدل سيارته الخاصة. وقد كان من الممكن أن يكون الباص السريع هو الحل لولا حالة جنون الاتهام بالفساد، التي اصابت الدولة والناس فأدت الى توقف العمل بمشروع حيوي مصمم ومطروحة عطاءاته، وممول من جهة اجنبية وبقرض مريح يمكن تسديده من دخل المشروع.
.. الآن لا نعرف مصير الباص السريع، ولا نريد أن نصدق ان الحكومة غير قادرة على اتخاذ قرار بشأن القطار من الزرقاء الى عمان فالمطار، كجزء من مشروع سكك الحديد الوطني الذي وفرت لنا دول الخليج العربي تمويله، وتمويل المشروعات الكبرى التي تعيد لحياتنا توازناتها، فمن غير المعقول ان تدخل البلد كل عام 70 ألف سيارة، ثم نشتكي من فوضى السير!!.
الحلول الكبيرة بحاجة الى مشروعات كبيرة، فنشر شرطة السير بدفاتر المخالفات، هو نقل مياه البحر بكشتبان، لا هو في مصلحة المواطن السائق، ولا يليق برجل الأمن المحترم، وطالما اننا نبني الشوارع والارصفة والمدينة الحديثة، فان علينا ان نقدم لكل ذلك الظروف والبنى التحتية الملائمة.
كان بروفسور شيللر يقول: على العالم الثالث ان يتجنب المدن التي يزيد سكانها عن 300 ألف ساكن.. فكلفة المدينة الكبيرة في اواسط افريقيا وفي أوروبا.. واحدة!
( الرأي )