سجالٌ خارج السياق

تم نشره الإثنين 06 آب / أغسطس 2012 12:36 صباحاً
سجالٌ خارج السياق
ناهض حتر

 

في بيان صادر عن هيئة جديدة تسمى " أحرار عمّان" ، استوقفني قولها..." قانون الانتخاب الذي لا يحترمهُ إنسانٌ شريفٌ" !
 من الضروري أن أوضّح هنا أنني أؤيد محتوى البيان المذكور، خصوصا لجهة رفضه التدخل الأميركي في شؤوننا. كذلك، فإن لدي اعتراضات أساسية على قانون الانتخاب المقرر، لكنني أعتبر التطرق إلى وصف القابلين بذلك القانون بغير الشرفاء، هو نوع بشع من الإرهاب الفكري الذي بات مؤخراً أداة صراع متخلف تعتمد هوس التخوين والتكفير والتحقير.
 لا علاقة للمسألة كلها بالشرف، بل هي، من ألفها إلى يائها، مسألة سياسية، يختلف عليها الأفرقاء، وفقاً لمصالحهم ورؤاهم، من دون أن تمسّ مواقفهم بشرفهم شيئاً. ولا يحق لأي من الرافضين أو القابلين بقانون الانتخاب أن ينزع عن الآخر شرفه أو وطنيته أو دينه أو مبادئه الخ.
 ولا ترتبط حملة الاعتراض الواسعة على قانون الانتخاب بالمبادئ، وإنما بالمصالح السياسية. التحالفات الإقليمية والدولية للإخوان المسلمين، تدفعهم للتعنت وراء مطلب المشاركة في الحكم، من خلال قانون انتخاب يسمح لهم بنيل الأغلبية. وبالنسبة لنخب الحقوق المنقوصة، فإنها وجدت الظروف سانحة للمطالبة ببرلمان يقوم على المحاصصة. أما العناصر الليبرالية، فليس لديها، بالأساس، سوى حكاية الانتخابات والتمثيل السياسي الكفؤ الخ ، مما تعتبره المفتاح السحري لحلّ كل المشكلات. وأخيرا، فإن الحراكات الشعبية الغاضبة، تجدها فرصة للتعبير عن غضبها إزاء النظام، ذلك أن قانون الانتخاب المقرر لا يتعارض مع مصالحها.
 بالمقابل، لا أعرف، بالضبط، ما هي دواعي الإصرار على إجراء انتخابات نيابية مبكرة في بيئة سياسية، محلية ودولية، غير مواتية إطلاقا؛ فعلى المستوى الأردني لم نتقدم، ولو خطوة واحدة في حل المسألة الوطنية العالقة في ملفات فك الارتباط مع الضفة الغربية وتعريف الكيان الوطني والمواطنة الخ، كما فشل النظام السياسي في مراجعة وتصفية ملفات الفساد والخصخصة، فشلاً لا يوازيه سوى الفشل في إعادة تعريف الهوية الاقتصادية ـ الاجتماعية للدولة وبلورة إطار وطني لإعادة توزيع الثروة وتنمية المحافظات، بحيث لم يتعد الأفق الحكوميّ في معالجة الأزمة المالية العويصة التي تواجهها الدولة، أمرين: المزيد من الاستدانة والبحث عن مكافآت مالية لقاء أدوار إقليمية خطرة للغاية.
 وعلى المستوى الإقليمي، لا يسمح الانشقاق الداخلي الحاصل بشأن الأحداث في سورية، بالتدخل فيها أو بقيام سجال سياسي وطني متحرر من مفاعيلها وظلالها. كذلك، فإننا ما نزال في المشهد الأول من سيناريوهات اللجوء السوري والفلسطيني وعقابيله، والتسلل الإرهابي إلى بلادنا، و الحروب الإقليمية وربما الدولية في الإقليم.
 في ظل هذه الأجواء، تصبح الانتخابات وحملة المقاطعة معاً، سجالاً خارج السياق السياسي الفعلي القائم، والمنبوذ، مع ذلك، من مجرى النقاش، لتحل محله تشبيهات لطيفة، ولكنها غير منتجة، من قبيل ما يراه أحد الزملاء من أن عقد الانتخابات بمشاركة عالية مع غياب الإخوان المسلمين وحلفائهم ( وهذا ما سيحصل بالضبط) هو أشبه بحضور الجمهور مباراة يغيب عنها اللاعبون. يعني ذلك أن الإخوان وحلفاءهم هم اللاعبون وسواهم مجرد جمهور! لكن، في السياسة، لكل جمهور لاعبوه الذين يعبّرون عنه، ويعكسون هواه.
 واقعياً، يمكن إجراء انتخابات ذات صدقية، وتشكيل برلمان أكثر تمثيلاً وحيوية، يعزل المقاطعين. بالمقابل، سوف تلقي المقاطعة بظلال سوداء ثقيلة على العملية الانتخابية ومنتجها البرلماني. لكن أياً من الطرفين لن يحقق، في النهاية، مراده: العودة إلى الصيغة السياسية لما قبل 2010 مستحيلة وكاريكاتورية، وإعادة تركيب الدولة على أساس الأغلبيات والمحاصصة، محاولة بائسة ومهزومة حتماً.

( العرب اليوم )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات