لكي لا نغرق في منطق «المظلومية» والمحاصصة

تم نشره الثلاثاء 07 آب / أغسطس 2012 01:48 صباحاً
لكي لا نغرق في منطق «المظلومية» والمحاصصة
حسين الرواشدة

 

 


الذين «ورطونا» في الخصخصة يريدون اليوم ان يأخذونا الى الحصحصة، واذا كنا –ولا نزال- ندفع ثمن الاولى فان مجرد «الدعوة» الى اعتماد منطق «الحصص» في ترتيب اولوياتنا وحل مشكلاتنا سيحملنا «ثمنا» لا طاقة لبلدنا به.. ولا خيار لنا امامه سوى الرفض. نخطىء –كثيرا- حين نفزع باسم الدفاع عن حقوقنا ومطالبنا الى الانحياز لمبدأ «المظلومية» الجغرافية، او «قسمة» الامتيازات والغنائم، فالمواطنة في ابسط مدلولاتها تقوم على الانتصار «للعدالة» العابرة لكل التصنيفات الديموغرافية، وحق الناس بالكرامة الانسانية، وترسيم علاقتهم فيما يبنهم ومع الدولة على اساس معادلات صحيحة توازن بين الحقوق والواجبات.

صحيح، ثمة احساس بالتهميش يشعر به البعض، وثمة مطالب محقة نسمعها تتردد في الشارع او نعرفها حتى لو لم يشهرها اصحابها، لكن هذا الاحساس وتلك المطالب المعبّرة عنه لا تتعلق بفئة محددة بأصولها او منابتها، وانما بحالة عامة تسببت فيها سياسات خاطئة، وانتجتها ظروف سياسية واقتصادية يفترض ان نقف جميعا من اجل تغييرها. لا نعدم الجرأة لكي نقول بان ما يعاني منه المواطن في الاطراف والمحافظات هي ذات المعاناة التي يشعر بها المواطن في المدن والمخيمات، المسألة لا تتعلق ابدا بمقولات «العنصرية» التي يبالغ فيها البعض لاسباب غير مفهومة، فانا مطمئن تماما الى انه لا يوجد لدينا عنصرية، ولو كانت تلك حقيقة لما عرفنا حالة «مصاهرات الدم» التي هي اهم من «مصاهرات السياسة»، ولما اجتمع الناس في بلدنا –بلا استثناء- على قيم الاخوة والمناصرة تحت ظلال «الاسرة الواحدة» التي جعلت الاردني –مهما كانت افكاره ومواقفه وظروفه- عربيا بالفطرة، وقضيته هي فلسطين، وبوصلته لا تحيد عن القدس قبلته الاولى. المشكلة تتعلق بما افرزته السياسة من حيل واخطاء، وبما انتهت اليه الاستقطابات المغشوشة من «توظيف» لمكونات المجتمع، ومحاولات لضرب «بناه» ومكوناته، فالذين تركوا لنا هذا «الارث» من الآثام لم يكونوا محسوبين على طبقة سياسية محددة او فئات اجتماعية وجغرافية وانما على «مجتمعنا» كله بكل اطيافه وفئاته، كما ان الذين دفعوا ضريبة هذه الاخطاء هم السواد الاعظم من المواطنين اينما كانت «مساكنهم» ومهما كانت انسابهم واتجاهاتهم وميولاتهم.

نريد الان ان نبحث عن الحل بعيدا عن «أنفاس» التقسيم والحصحصة، واشتباكات «مصالح» النخب، وفزّاعات الاوطان الاصيلة والاخرى البديلة، فالكل في «الهمّ شرق» وعافية البلد تقاس «بمتانة» لحمتها وصلابة جبهتها الداخلية.. ولا حل الا بالتوافق على مشروع الاصلاح الذي تؤسس له «روح» المواطنة الحقيقية وقيم «الاخوة» العابرة للشكوك والاصطفافات. لا يوجد افضل من هذا التوقيت؛ لكي تخرج «نخبنا» التي تتبنى منطق «المظلومية» عن صمتها واحيانا تواطئها، لتنضم الى حلف دعاة «الاصلاح» وتنحاز الى مشروعه وتدافع عن حق الاردنيين كلهم في العدالة والكرامة والمساواة وعن «واجباتهم» تجاه البلد الذي يحتاج الى استعادة عافيته من خلال «الوحدة» والتكاتف والانتصار للقانون واقامة «المجتمع» على اسس من المدنية والحداثة لا على انقاض «الافكار الميتة» التي حولتنا الى قبائل متصارعة.

لا يوجد في بلدنا اليوم «غنائم» حتى نختلف ونتشابك من اجلها، وانما يوجد «تحديات» ونوازل كبرى يفترض –بل يجب- ان نتدافع لكي نتحمّل قسطا من اعبائها.

ولهذا لا بد ان نحبس «انفاس» المحاصصة وان نمنع هؤلاء الذين يقفون على طرفي نقيض من ان يأخذونا الى ساحات معاركهم «الوهمية» ليغرقونا في مستنقع «الجلد المتبادل» والعبث بنواميس مجتمعنا التي استقرت على مبادىء الوئام والمحبة.. لا الشقاق والاحتراب. بوسع الاردنيين الذين يشعرون «بالتهميش» او بالتعب من الماضي والحاضر او الخوف من المستقبل ان يغتنموا فرصة «الاصلاح» ومواسم تحقيقه، بدل ان يتحولوا –بخطيئة النخب- الى عثرات في طريقه او الى «مصدات» تمنع رياحه من الوصول الى مجتمعنا.. وتحرمنا من «بركاته» القادمة!

( الدستور )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات