الامتحان الأول للرئيس مرسي!

هل يتجاوز الرئيس المصري الامتحان الجديد وربما الاول له من هذا المستوى ويخرج محتفظاً بشعبيته التي تراجعت وبصفته «اخوانياً» باعتبار أن هذه الصفة هي ميزان الاختبار أيضاً..
قد لا يحتاج المتابع أن يجهد نفسه كثيراً ليعرف من صاحب المصلحة في عملية شمال سيناء الأخيرة التي قتل فيها (15) جندياً مصرياً وجرح سبعة..ويكفي أن يعرب المصري الجملة الاسرائيلية التي قدمها وزير الدفاع الاسرائيلي ايهود باراك كاختبار ونصها «ضرورة ان تتحرك السلطات المصرية بقوة لاعادة بسط الأمن ومكافحة الارهاب في سيناء» فهل تنجح القيادة المصرية في اعراب الجملة على الطريقة الاسرائيلية التي ظلت تقدم أوراق الاختبار الى مصر منذ احتلال اسرائيل لسيناء عام 1967 وحتى بعد تغيير صفة الاحتلال الى صفة اخرى أبقته مضموناً وغيرته شكلاً أم تتوقف لتقلب طاولة الامتحان؟
واذا كان الرئيس المصري وفي باب تصريحات الاستهلاك التي يكثر منها الاخوان المسلمون قد دعى الى السيطرة على سيناء بقوات مصرية..فما معنى ذلك؟ أليس معنى ذلك الغاء اتفاقيات كامب ديفيد التي تعهدت الادارة المصرية الجديدة ببقائها!..وهل تسمح اسرائيل بعبور قوات مصرية عسكرية الى سيناء وهي التي جادلت على عشرات منهم كانت بحاجة اليهم ليساهموا في حفظ أمنها أثناء حكم الرئيس مبارك وحين تفتقت العقلية المتعاونة مع اسرائيل عن بناء السور الفولاذي فعودة السيادة المصرية الى سيناء (وهو ما يعلمه الرئيس مرسي) تعني حرباً جديدة أو الغاء كامب ديفيد والا فإن من السذاجة قبول التصريحات المطلقة هكذا دون تمهيد أو خطوات واضحة واشعار الشعب المصري بذلك..
أما العودة الى دوافع العملية فقد قيل في الاستدلال بالعامية «الله بالعين ما شافوه لكن بالعقل أدركوه» فمن هو المستفيد من العملية الأخيرة؟ ألم تحاول اسرائيل اجراء اختبارات عدة للتأكد من الموقف المصري بعد الثورة مبكراً..وفي استمرار الطلب من مصر تصعيد التعاون مع اسرائيل والابقاء على جهود عسكرية وأمنية مشتركة ودوريات مشتركة في سيناء والا سيظل أنبوب الغاز ينسف فإن لم يكف ذلك ستقتل الشرطة المصرية كما حدث أمس في عملية مفتعلة..
الموقف المصري الأخير بفتح الحدود مع غزة والوعد بزيادة العمل لرفع الحصار تماماً والسماح بتزويد محطة غزة لاول مرة منذ عام 2006 بالوقود القادم من قطر وزيارة اسماعيل هنية الأخيرة والتشبيك بين حماس غزة واخوان مصر.. كل ذلك لا يروق لاسرائيل وكان عليها ان تستخدم الاحتياطي من اتباعها في مصر سواء ممن ظلوا من أتباع عمر سليمان أو ممن جندتهم في سيناء للقيام بهذا العمل الذي يقترب اعداده من الافلام الهندية في اخراجه..»فالإرهابيون» يستولون على دبابتين لتقصف وتقتل الشرطة..ثم تقوم اسرائيل بتفجير الدبابة الأولى بعميل وتقصف الثانية من الجو..وينتهي الفيلم دون ان نرى جثث المقتولين في الدبابة المقصوفة أو من كان في الدبابة التي فجرت بداية..ونجد التسهيل لذلك في التصريح المصري الجاهز الذي يحرج مرسي بالقول عن عبور جهاديين من غزة..وقد عادت حليمة المصرية لعادتها القديمة..
لن يغيب ترتيب العملية عن فطنة المصريين وقدرتهم الاستخبارية على المعرفة..لكن هل يجرؤ النظام الجديد على فضح الطابق الذي ظلّ النظام المصري السابق يستثمره في المزيد من التشديد في سيناء لخدمة اسرائيل؟.. هذا هو السؤال وهذا هو الاختبار.. والاجابة.. على شكل سؤال، هل يذهب النظام الأمني والعسكري في مصر الان باتجاه اغلاق الحدود مع غزة ومصادرة المكاسب الاخيرة التي حدثت وعوقبت مصر بهذه العملية عليها ويعود النظام الحالي كالسابق ويبتلع تصريحاته؟ أم سيذهب باتجاه آخر ويصارح المصريين ويستعجل فتح الملف الاسرائيلي الذي تحميه الولايات المتحدة والتي جعلت شرط قبولها للنظام الجديد ومساعدته هو في ابقاء هذا الملف مغلقاً وابقاء العسكر احتياطاً في النظام الجديد حتى لا يفتح..
الرئيس مرسي امام الامتحان بشكل مفاجئ.. فهل هو جاهز للاجتياز أم ان المنشار الاسرائيلي تجاوز العقدة المصرية.. ويجري تطبيع مرسي ليكون صورة أخرى لمبارك برسم التصنيع؟! ( الرأي )