ضحايا لطناجر ضغط أخرى

من المؤلم أن نخسر 23 امراة في معارك مطبخية خلال عامين ، بانفجار طناجر الضغط غير المطابقة للمواصفات والمقاييس الأردنية، وذلك حسب ما أعلنه مصدر مسؤول في مؤسسة المواصفات والمقاييس يوم أمس. فهذا الرقم المهول يكاد يفوق ما نفقده بسيف ما يسمى بجرائم الشرف!.
ألقي بالمسؤولية على مؤسسة المواصفات لتأخرها في طرح هذا الإحصائية الخطيرة، ولربما كان العدد سيكون أقل لو تمّ تنبيه الناس وتوضيح المواصفات الآمنة لطناجر الضغط، التي يكاد لا يخلو مطبخ بيت منها.
فيزيائياً تعتمد استراتيجية (طنجرة الضغط)، على حبس البخار، مما يسبب زيادة هائلة في الضغط الجوي داخل الطنجرة، وهو الأمر الذي يرفع درجة غليان الماء إلى مئاتين أو ثلاثمئة درجة مئوية (في الظروف الطبيعية، لا تتعدى حرارة غليان المئة درجة، كما تعلمون)، وهذه الزيادة الكبيرة في الحرارة، هي التي تسبب النضج السريع للطعام، حتى لو وضعنا فيها رأس ثور معمر.
لم تبين المؤسسة السبب الرئيس لانفجار تلك الطناجر أو الخلل الرئيس فيها. وأزعم أنه يكمن في (عصفور التنفيس)، وهو الصمام الذي يبدأ بالدوران السريع وهو ينظم خروجاً متوازياً للبخار، فيتحقق الهدف المرجو، وهو رفع درجة حرارة الماء، وبنفس الوقت لا يتسبب بكارثة، إذا ما ظل البخار حبيس الطنجرة. فكل جدران العالم لا تقف في وجه بخار مضغوط مكبوت. وقد رأينا ثورات الربيع العربي.
في الوضع الصحيح تبدأ طناجر الضغط بالصفير والزقزقة بشكل أعلى، كلما ارتفعت درجة الحرارة في داخلها، وعندما تصل إلى أعلى درجة حرارة ممكنة، يأخذ الصفير شكلاً مختلفاً ومغايراً، تعرفه ربات البيوت، وتحفظ ذبذباته، ولكنته.
ولأن السياسة تشبه عمليات الطبخ والطبيخ، التي تحتاج إلى طناجر ضغط أحياناً، فلربما من المناسب أن ننصح المطابخ السياسية. بضرورة رفع الطنجرة عن رأس النار، وتبريدها بماء الحنفية، والانتظار قبل فتحها، وذلك عندما يصبح صوت التنفيس مختلفاً، وكأنه مارد محبوس.
أتمنى على مؤسسة المواصفات أن تنشط إعلامياً، وتشرح لنا مواطن الخلال في طناجر الضغط وعيوبها وطريقة كشفها. وأيضاً على عصافير التنفيس الصادقين، من كتاب وإعلاميين ورواد، أن يكونوا لسان صدق في أذن مطابخ السياسية. وعلى السياسيين أن يحفظوا جيداً نغمة طناجر ضغطهم، حين تؤول إلى صفيرها الأخير. فلا تترك في مهب انفجار، لا تحمد عقباه. حماكم الله. ( الدستور )