القبول الجامعي أمام تخصصات مشبعة !

موسم القبول الجامعي الذي يهل هذه الأيام في مختلف الجامعات الأردنية الرسمية والخاصة يفترض ان يدفع خريجي الثانوية العامة إلى التدقيق في اختيار التخصصات الجامعية المتاحة أمامهم وان كان الخيار الأخير ليس لهم في نهاية المطاف وإنما للأسس المتبعة في قوائم القبول التنافسية وغيرها، إلا ان الأمر يتطلب الابتعاد قدر الإمكان عن تخصصات لم يعد لها اي حظ في التعيين في القطاعين العام والخاص، وأصبحت تحمل صفة المشبعة التي تتراكم عشرات الآلاف من طلباتها من دون ان تجد أي فرصة عمل مهما كانت ! .
ربما تكون توعية ديوان الخدمة المدنية قبل أيام للناجحين في الثانوية العامة وأولياء أمورهم خطوة في الاتجاه الصحيح نحو ضرورة الاطلاع على التخصصات العلمية من حيث واقع العرض والطلب وتوفير المؤشرات والإحصائيات الخاصة بطلبات التوظيف، خاصة ما يتعلق منها بدرجات البكالوريوس التي لا تتوفر أمامها فرص العمل منذ زمن بعيد، بعد ان وصل عدد طلبات التوظيف الى ما يزيد على 246 الفا اي ربع مليون من التخصصات الراكدة التي تزيد من أزمة البطالة تعقيدا في ظل محدودية الشواغر التي لا تصل إلى عشرة الآف سنويا ! .
حتى التخصصات الهندسية التي ما زالت هي الهدف الرئيسي لذوي المعدلات العالية التي لا تؤهلهم لدراسة الطب، هي الاخرى تعاني في غالبيتها العظمى من اشباع شبه كامل وفرص تعيين في غاية الندرة حسب الدراسة التي أعلنتها نقابة المهندسين مؤخرا لحاجة السوق المحلي منها، وشمل ذلك شعب الهندسة المدنية والمعمارية والكهربائية معا!
ما عدا تخصصات شعبة الهندسة الميكانيكية التي اظهرت وجود طلب وفرص عمل جيدة لهندسة الطرق الحرارية الميكانيكية والتبريد والتكييف والصيانة، وما يضاعف من الحالة الهندسية المشبعة حاليا ان أعداد الطلبة الحاليين في مختلف كليات الهندسة يتجاوز ستة وثلاثين ألفا بالإضافة إلى وجود ثلاثة الآف في الخارج، وهؤلاء وحدهم يقتربون لنصف العدد الإجمالي لأعضاء النقابة!
من الإجحاف القاء اللوم على اختيارات الطلبة في تخصصاتهم لانهم ليسوا من يقررون القبول في التخصصات الجامعية سواء كانت راكدة أو متحركة، وإنما يقع اللوم الأكبر على الجامعات الأردنية العامة والخاصة التي ما تزال تجتر ما عفى عليه الزمن من مساقات دراسية مزمنة ومتكررة دون اي تحديث يراعي احتياجات السواق المحلي أو الخارجي، وترى نفسها غير معنية بمتابعة قواعد البيانات الخاصة بكل تخصص على حدة وفيما اذا كان لا يزال صالحا لفرص العمل المتوفرة أم لا، وكل همها هو قبول الأعداد المحددة من كل تخصص دون أي اعتبار لشأن اخر ملقية بتبعات قوافل خريجيها على جهات اخرى!
أزمة القبول الجامعي في تخصصات لا تفتح الطريق أمام مستقبل الحياة العملية ستظل تواجه خريجي الثانوية العامة في كل دورة صيفية او شتوية، اذا ما بقيت مسيرة التعليم العالي دون تصويب يعيد رسم معادلتها لتكون متوائمة مع احتياجات سوق العمل الأردني، مع اتاحة فرص العمل امام مواكب الخريجين حتى لا تبقى طلباتهم تتراكم في كل مكان بلا توفر شواغر تتوافق مع تحصيلهم العلمي ! .( العرب اليوم )