ما أثر الإعفاءات على القطاع الإسكاني ؟

الإعفاءات التي قدمتها الحكومة لتنشيط القطاع العقاري خلال السنوات الماضية أسهمت الى حد كبير في زيادة الإقبال على تملك الشقق السكنية التي تقل مساحتها عن مئة وخمسين مترا مربعا، الا ان الأمور عادت الى التراجع مرة اخرى ليس بفعل الإبقاء على رسوم التسجيل كما هي عليه فقط وإنما للارتفاعات المتواصلة التي تطرأ على أسعار العقار ومن خلال الأرباح القياسية التي تحققها شركات الإسكان، التي بات معها الحصول على وحدة سكنية صغيرة المساحة في منطقة متواضعة داخل العاصمة من الأحلام التي أخذت تتلاشى بتسارع كبير خلال الآونة الأخيرة ! .
صحيح ان قيام مجلس الوزراء بإقرار إعفاءات متلاحقة تم تمديدها بين فترة واخرى قد انعكس على زيادة إقبال المواطنين الراغبين بتملك وحدات سكنية على اغتنام الفرصة المواتية، مادام الإعفاء يشمل أول مئة وخمسين مترا مربعا من رسوم التسجيل شريطة ان تقل مساحة الشقة عن ثمانمئة متر مربع، وعملت على تخفيض رسوم نقل الملكية من عشرة بالمئة الى خمسة بالمئة حتى نهاية العام الماضي، الا ان هذه الخطوة بالتخلي عن عائداتها من الرسوم في هذا المجال لتحريك القطاع العقاري، لم يرافقها في المقابل أي استعداد من قبل الشركات الإسكانية لتخفيض أرباحها الى حد يكون معقولا ! .
ما يشهده القطاع العقاري من ركود إجمالا منذ بداية العام الحالي لا تعود أسبابه الى تراجع الإعفاءات الحكومية وحدها، وإنما بفعل زيادات كبيرة طرأت على أسعار الشقق السكنية مؤخرا وهذا ما أدى الى ان تنخفض الوحدات المبيعة منها الى نحو ثلاثة عشر ألفا و 677 شقة خلال الأشهر السبعة الماضية من العام الحالي، في حين بلغت ستة عشر ألفا و 240 شقة خلال الفترة ذاتها من العام الماضي، وهذا ما أدى الى وجود عمارات سكنية كاملة تضم شققا بالآلاف من دون بيع أية واحدة منها منذ شهور طويلة لغلاء أسعارها الذي يفوق التوقعات وتقديرات كلفتها الحقيقية.! اذا ما كانت الشركات الإسكانية تبذل جهودا حثيثة هذه الأيام من اجل ان تقوم الحكومة بتثبيت الإعفاءات التي قد تم تقديمها الى القطاع العقاري لا مجرد تمديدها من اجل عودة النشاط الإسكاني الى ما كان عليه، فإن الاولى بها ايضا ان تراجع سياساتها في زيادة أسعار الشقق الى مستويات قياسية لم تعد في مقدور الغالبية العظمى من مداخيل المواطنين، وأصبحت مقتصرة على فئة الأثرياء القادرين على دفع مئات الآلاف من الدنانير مقابل شقة في عمارة متعددة الطوابق ! .
تبعا لذلك فان اجراء دراسة حكومية لأثر الإعفاءات المقدمة للقطاع العقاري على زيادة نشاطه وتخفيض أسعاره، يفترض ان يحتل أولوية بالتعاون مع جمعية مستثمري قطاع الإسكان لمعرفة مدى ما حققته من حوافز للمواطنين على تملك الوحدات السكنية، وفيما اذا كانت المعادلة قد انعكست إيجابا على تخفيض أسعار الوحدات السكنية والعقارات إجمالا، أم انها كانت لصالح الطرف الأقوى على حساب الطرف الأضعف الذي يكتوي بنيران ارتفاعات متواصلة على أسعار الشقق لا تتناسب على الإطلاق مع كلفة إنشائها ! . ( العرب اليوم )