شبيحة الأردن!

تجدهم هنا وهناك، يدافعون باستماتة عن نظام الأسد المجرم بمنتهى الحماس، وإذا تورطت بمناقشة أحدهم، تنفتح في وجهك سلسلة من الخطب العصماء، الجوفاء، عن قلعة المقاومة، ونظام الصمود، ويقال لك أيضا، عن مؤامرة دولية ضخمة يتعرض لها نظام الأسد، باعتباره واحدا من أعتى الأنظمة التي تناجز الاستعمارية الدولية، وتقف سدا منيعا في وجه المؤامرات الصهيونية، ناهيك عن الاسطوانة المشروخة المتعلقة بتجريم قطر ودول النفط العربي، الذين يمدون الجيش الحر بالمال والسلاح!
شبيحة الأردن، وعذرا لقرن اسم هذا البلد الطيب بهؤلاء، كأن على عيونهم غشاوة، أو أعطوا عقلهم إجازة، وهم لا يرون ما يرتكبه القتلة من شبيحة الأسد يوميا، من مجازر فيها من الابتكار في البشاعة، ما يعجز إبليس عن تخيله، وآخر ما رأيناه الصور المروعة لمذبحة داريا، حيث تحدثت الأنباء عن ارتقاء نحو ثلاثمائة شهيد إلى الرفيق الأعلى، تشكو أرواحهم، ظلم بني قومهم، وتنكر العالم لهم، والله لو اعدم أحدهم ثلاثمائة قط دفعة واحدة، لتحركت دماء المدافعين عن الحيوان، ورفاهيته، ولكن يبدو أن أحرار الشام وحرائرها ليس لهم فعلا إلا الله جلت قدرته!
وعودة لشبيحة الأردن، الذين صدعوا رؤوسنا بدفاعهم عن القتلة، هؤلاء الشبيحة لا ينفع معهم جدال أو سجال، سأسوق لهم هنا رأي لشخص اسمه البرفسور دانيال بايس، يتحدث بلسان الغرب ولكن هذه المرة بمنتهى الفجاجة والوقاحة، ولا أقول الصراحة، مع تنحية كل التعبيرات الدبلوماسية التي مللنا سماعها من مسؤولي أمريكا واوروبا، فهذا البروفسور المعروف بأنه أحد أهم الباحثين الصهاينة الأمريكيين، ليس معنيا بمجاملتنا، كما هو شأن الساسة، فهو مؤلف متخصص في نقد الإسلام وتجريم اهله، وتشويه صورتهم، يرصد هذا البايس في مقال نشره في صحيفة « إسرائيل اليوم « العبرية، الأسباب التي توجب على الغرب وإسرائيل الحفاظ على نظام الأسد واستمرار بقائه ومنها، أن نظام الأسد علماني وغير أيدلوجي و»مانع» للفوضى، وسقوطه يعني حلول جماعات متطرفة محله تهدد استقرار المنطقة...كما يرى أن بقاء الصراع في سوريا مفتوحاً مفيد للغرب لأنه سيضعف القوى السنية والشيعية، في الوقت ذاته يكرس الصدع بين إيران والعرب، ويرى ان « من سيحل محل الأسد لن يتردد في استخدام الأسلحة الكيماوية ضد إسرائيل، لذا يجب عدم تسليح « المتمردين « والامتناع عن تدشين مناطق حظر طيران، إلى ذلك يضيف بايبس أن من يسميهم المتمردين هم إسلاميون أكثر تطرفاً من الأسد، وهم سيشكلون إضافة للإرهاب السني «البربري».. على حد تعبيره العنصري، كما يدعي بايس أن سقوط الأسد لن يوقف اراقة الدماء لأن السنة سيرتكبون عمليات انتقام واسعة ضد العلويين، واخيرا يرى أن على الغرب أن يتدخل فقط من أجل السيطرة على مخزون السلاح الكيماوي الضخم فقط لمنع وصوله للاسلاميين.!
هذا رأي من آراء غربية كثيرة، يمكن أن ترد على الشبيحة المدافعين عن «قومية» الأسد، ومواقفه «المشرفة» مع المقاومة، أما الرأي العملي الذي لا يستطيع أن يماريه أحد من الشبيحة، فهو هذا الموقف الدولي المائع من الثورة السورية، ودعم النظام السلبي عبر الامتناع عن التدخل لحماية المدنيين على الأقل، وتركه لقتل شعبه بكل الطرق الإجرامية التي عجز عنها أعتى القتلة في التاريخ البشري، علما بأن هذا النظام الدولي المتواطىء يستطيع أن يتدخل منذ الغد في سوريا كما تدخل من قبل لحماية المدنيين من البوشناق، ولكنه الآن لديه حساباته المختلفة التي لا يدخل فيها عدد الأرواح السورية التي يزهقها النظام المجرم وزبانيته كل يوم!(الدستور)