الموازنة العامة للسنة القادمة

بدأت وزارة المالية بإعداد مشروع الموازنة العامة لسنة 2013. وقد دشن وزير المالية العملية بتصريحات صحفية تقول أن الموازنة القادمة ستركز على الطاقة والمياه وتنمية المحافظات.
لا ضرر من إطلاق تصريحات إنشائية لا تغير الواقع ، فليس معروفاً ماذا تستطيع الحكومة أن تفعل لحل معضلتي الطاقة والمياه ، فالمسألة لا تتعلق بسنة واحدة (2013) بل تحتاج إلى سنوات عديدة من العمل الدؤوب وفق خطة عملية.
أول ما يتبادر إلى الذهن في هذا المجال هو عدم توفر المال لتمويل المشاريع الرأسمالية ، فالحاجات كثيرة والمال محدود. وربما كان على الحكومة أن تعتمد كلياً على الدول المانحة في تمويل مشاريع المياة والطاقة ، ذلك أن الدول المانحة لا تريد أن تدفع لمجرد تقليص عجز الموازنة وتمكين الحكومة من زيادة الإنفاق على الرواتب والسيارات والسفرات ، وتفضل أن تمول مشاريع إنتاجية ملموسة تتعلق بتحسين مستوى المعيشة ونوعية الحياة.
أما المحافظات فالمملكة بأسرها موزعة على 12 محافظة ، وتنميتها تحتاج إلى خطة تفصيلية مركزية يقال أن وزارة التخطيط أعدتها ، أما القول بأن أهل كل محافظة أدرى باحتياجاتها فهو مجرد إنشاء عربي لا معنى له ، فالتنمية الشمولية تعتمد على الصورة الكلية للمصادر المتاحة والاستخدامات الممكنة لا تتوفر إلا للحكومة المركزية.
المشكلة الحقيقية التي يجب ان تعترف بها وزارة المالية أنها عاجزة حتى الآن من تدبير إيرادات محلية تكفي لتغطية نفقات الحكومة الجارية ، أي أنها تستخدم جانباً من القروض المحلية والأجنبية لاستكمال تمويل نفقات تشغيل الحكومة وأجهزتها. والحديث عن إنفاق إنمائي ليس ممكناً قبل تسديد النفقات الجارية التي لم تستطع الحكومة حتى الآن تخفيضها أو منعها من التزايد عامأً بعد آخر.
الجديد في موازنة 2013 هو أنها أول موازنة في عهد البرنامج الوطني للتصحيح الاقتصادي ، والسؤال هو كيف سينعكس البرنامج على أرقام الموازنة ، وخاصة فيما يتعلق بالطاقة والدعم والإيرادات المحلية. كما أننا سنتوقف طويلاً أمام الرقم الذي ستضعه الموازنة العامة لإيرادات المنح الخارجية ، خاصة وأن الدول المانحة هي التي طلبت من الأردن الاتفاق مع صندوق النقد الدولي ، وهي التي تعهدت للصندوق بأنها ستتعاون لإنجاح البرنامج.(الرأي)