سورية "عصلجت" مع الخليج

بعيداً عن التحليلات الوقورة، من المرجح أن دول الخليج وخاصة قطر والسعودية الى جانب مؤيديهم العرب ممن يثقون بقدرة المال الخليجي اللامحدودة، يشعرون أن القصة السورية طالت أكثر من "اللزوم"، ومن غير المعروف إن كان أهل الخليج يستخدمون مصطلحنا الشهير "مْعَصْلِج"، للإشارة الى صنف معين من الأمور المستعصية.
لاحظوا سيرة المواقف منذ الثورة الأولى في تونس، وقتها كانت الأمور مفهومة ومنسجمة مع منطق الأشياء عربياً، فما أن تبين أن الرئيس التونسي زين العابدين على وشك السقوط حتى تبرعت أكثر من دولة خليجية الى تقديم عروض الاستضافة، ثم استضافته السعودية فعلاً وكان يفترض أن ذلك يشكل مغامرة في العلاقة مع الشعب التونسي. وتلك الاستضافة بالمناسبة هي حدث ينساه اليوم "الثوار" الذين لا يرون أي تناقض بين طبيعة الأنظمة الخليجية وفكرة الثورة، بل إن ثوار تونس انفسهم نسوا هذا الحدث ولا يرون الآن أية مشكلة في الانسجام القائم بين ثورتهم وبين الموقف الخليجي.
في الحالة المصرية تناقصت عروض الاستضافة للرئيس مبارك، بل لم تكن هناك عروض جدية، فحينها صمتت السعودية صمت المرحبين، فيما كانت قطر حسمت موقفها الى جانب الثورة، أما في الحالة الليبية فقد كان موقف دول الخليج كافة قد اكتمل ومشت الأمور بسلاسة.
لقد شعر الخليج أن الأمور سهلة بما أن الموازنات المالية جاهزة، الى درجة أن كثيرين راحوا يتحدثون عن قائمة بالدول التي يريد الخليج إقامة الثورات فيها.
لكن سوريا "عصلجت"، ومن المناسب البحث عن تفسير، على الأقل لكي يتمكن الثوار الجدد من صياغة نظرياتهم الخاصة حول "عصلجة الثورة".
من المرجح أن السر لا يكمن في النظام السوري، إذ لا يوجد نظام عصي بالمطلق على محاولات الاسقاط. ولعل السر الحقيقي يكمن في المجتمع السوري وفي الدولة والجيش السوريين، حيث ان المجتمعات والدول والجيوش الحقيقية يمكن أن تكون عصية على هذا الصنف من "الثورات" مها ارتفعت موازناتها.( العرب اليوم )