نحن والمستقبل السوري

عندما كان الحراك الشعبي في سوريا سلمياً يطالب بالإصلاح ، ويقابل بالعنف والقوة المفرطة ، لم يكن هناك خيار أخلاقي سوى تأييد الشعب وإدانة النظام الذي أخذ بالحل الأمني ، وماطل في إدخال الإصلاحات الديمقراطية.
اختلفت الصورة الآن فلم يعد هناك حراك شعبي سلمي بل صراع مسلح بين جيش نظامي ومجموعات مسلحة تمثل جهات مختلفة داخلية وعربية وأجنبية. ولم تعد هذه الجهات تتحدث عن إصلاح سياسي أو اقتصادي ، فالهدف الوحيد هو إسقاط النظام ولو أدى ذلك إلى تدمير الدولة وهدم البيوت والمدن وتهجير السكان.
الحرب في سوريا ليست أهلية بين فرقاء سوريين ، بل حرب إقليمية ودولية ، تشارك فيها بشكل مباشر أو غير مباشـر ، بالمال والرجال والضخ الإعلامي ، دول عربية ، وإيران ، وروسيا والصين ، وجماعات عقائدية كالسلفيين ، بالإضافة إلى مطلقي الشرارة الأولى من الإخوان المسلمين.
تأييد هذا الطرف أو ذاك لم يعد قراراً سهلاً عملياً وأخلاقياً ، المسيسون منقسمون على أنفسهم ويتبادلون الاتهامات. وإذا كان الاجتهاد في السابق يقوم على أساس فكري وعقائدي ، فقد أصبح يقوم على أساس مصلحي ، خلاصته ماذا لو فاز النظام؟. وماذا لو فازت الثورة؟ وما أبعاد ذلك ونتائجه وتداعياته ، ليس على سوريا فقط بل على المنطقة بأسرها ، وخاصة الدول المجاورة لسوريا وهي لبنان والأردن.
إذا فاز النظام في إخماد الثورة المسلحة فالنتيجة هي انشقاق النظام العربي ، كما حدث عند احتلال العراق للكويت ، وإذا فاز الثوار فإن الحرب الأهلية مؤكدة ، لأن الأطراف المشاركة في الثورة على النظام تكره بعضها أكثر مما تكره النظام.
من المؤكد في الحالة الاخيرة أن النار لن تبقى محصورة داخل الحدود السورية ، فلبنان هو المرشح الاول ، وقد بدأت البوادر في طرابلس ، والأردن هو المرشح الثاني ، خاصة وأن هناك أطرافاً قوية داخل الأردن تكره البلد ، وتكن العداء للنظام ، وتنتظر ما تسفر عنه الأحداث في سوريا على أمل أن يتسلم الإخوان المسلمون والسلفيون دفة الحكم كما فعلوا في تونس ومصر.
مصلحة الأردن تكمن في استقرار سوريا على قاعدة إصلاح النظام والحفاظ على مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية ، وبانتظار ذلك ليس من مصلحتنا الاستجابة للضغوط السياسية والمالية ، والتورط في دعم طرف معين.
( الراي )