الخطوة التالية

إذا كان القرار الملكي بتجميد رفع اسعار المحروقات لاقى كل هذا الارتياح من قبل الاوساط جميعها ، فإن الخطوة تحتاج الى خطوات اخرى حتى تتم إزالة حلقات الاحتقان لدى المواطنين، يتم التعبير عنها بوسائل مختلفة. كما تزيل حالة الضباب الشديد الذي يخيم على الحالة العامة والسياسية في البلاد التي وصلت الى عدم قدرة احد على الاجابة الى اين نحن ذاهبون، وماذا سيحدث غدا.
ما فعلته الحكومة خلال عمرها الذي اقترب من الـ (100 يوم) يحتاج الى قرارات حاسمة لترميم تبعاته، وايجاد ترياق من دون ان نزيد الآلام أكثر.
التعيينات الاخيرة التي لطمت الجميع، ولا احد يجد لها تفسيرا، وخاصة في المؤسسات التي تحمي مستقبل الاردنيين، تحتاج الى اعادة نظر واعتبار فورا، وقد نجحت حكومات سابقة في وضع معايير خاصة لشغل هذه المناصب، على الاقل ليس من بينها التنفيع والتزبيط، وارضاء فلان، وغضب علان.
كما أن الحكومة لم تتوفق في اختيار الزمن لطرح قانون خلافي كقانون المطبوعات على الدورة الاستثنائية للبرلمان، ودافعت عنه بطريقة زادت فيها المعارضين له اكثر من كسب المؤيدين، إن التفكيرفي هذا الزمان بمحاورة الالسنة افضل بكثير من التفكير في قصها، لانه اذا قصّيت لسانا تنبت مكانه عشرة، وهذا ما نراه في عالم السياسة هذه الايام.
تبقى القضية الاساسية التي تحتاج الى جراحة عاجلة، هي فكفكة حالة الانغلاق السياسي التي تعيشها القوى السياسية المعترضة على الانتخابات وقانونها، لانه مهما تحدثنا عن الإصلاح السياسي الشامل في البلاد وعن الأهداف المعلنة وغير المعلنة للمشتغلين بالحراك في الشارع، فإن مربط الفرس في أي تطور باتجاه الإصلاح يرتبط عضويا بالانتخابات البرلمانية، وقبل الانتخابات التوافق على قانون انتخاب يُحصّن الإصلاح ويحافظ على كل المكتسبات الديمقراطية في البلاد، أما غير ذلك فإنها كلها هوامش وتفاصيل لا تعني شيئا، والفحص الحقيقي للأحزاب والنشطاء السياسيين هو صناديق الاقتراع، فالذي يهتف في الشارع ويرفع منسوب شعاراته، وهو في الواقع لا يستطيع إقناع أقرب المقربين منه لانتخابه وتكليفه بتمثيلهم، فهو يضعنا أمام فقاعات صابونية سوف تكشفها صناديق الاقتراع.
كثيرون يتعجلون حل مجلس النواب الحالي، وهم على حق، للأداء الذي قدمه النواب في الفترات الماضية، لكن لا أحد يستطيع أن يضمن عدم تكرار الوجوه نفسها والأداء نفسه في البرلمان الجديد، عندها سوف نعود في اليوم التالي من الانتخابات لنجد قوى سياسية تشكك في شرعية الانتخابات والبرلمان، ونعود للاسطوانة نفسها.
والأهم فعلاً هو الإجابة على السؤال الذي يطرح دائماً في وجه رجالات الدولة: هل هناك إرادة سياسية فعلية في قضية الإصلاح، وهل نحن ماضون باتجاه ترجمة الخطاب الرسمي الذي يقول إن الإصلاح أولوية؟
ما يتسرب من أروقة المطبخ السياسي أن الباب لم يغلق نهائيا على فتح قانون الانتخاب، من خلال حكومة جديدة، تفتح حوارا مثمرا مع الاخوان المسلمين، للذهاب جميعا الى الانتخابات البرلمانية، وهذه قد تكون فرصة اخيرة للعقلاء في الطرفين قبل أن نصل الى مرحلة الندم، فلربما لن ينفع الندم بعد فوات الفرصة، ونكون كمن قيل فيهم: "إذا فات الفوت ما ينفع الصوت" .
( العرب اليوم )