طرائفنا .. وطرائفهم!!

تم نشره الثلاثاء 04 أيلول / سبتمبر 2012 01:54 مساءً
طرائفنا .. وطرائفهم!!
خيري منصور

اذا كانت المقارنة بين أثريائنا وأثريائهم قد أصبحت معروفة منذ كتب طه حسين مقالته الشهيرة قبل أكثر من قرن، فإن المقارنة بين طرائفنا وطرائفهم كما تنشر في الصحف والمتابعات الفضائية بحاجة الى رصد.. وان كان لا بد من عيّنات فلتكن على النحو التالي..

حفل جماعي لزواج الكلاب، وعقود قران مضمخة بالورد وموقعة بالمخالب في حديقة واسعة خضراء.. مقابل قبر جماعي جديد لأطفال ونساء في منطقة ما من الصحراء..

كلب يتقاسم مع صاحبه العزف على البيانو ويحني رأسه لمن صفقوا له، مقابل اعادة اكتشاف وظيفة السكين وقطع الرأس ووضعه على البطن.

كلب ثالث يساعد صاحبه في العمل على ترميم سقوف بيوت قديمة في لندن, ومنها ما يصل ارتفاعه الى خمسين متراً.. مقابل قذف الحجارة على قطة تموء وهي تحاول الولادة.

نساء وأطفال ورجال من مختلف الأعمار يقرأون كتباً منها روايات وأشعار ودراسات في مترو الانفاق والمحطات وعلى الشاطىء، مقابل نساء واطفال ورجال يشتبكون ويصرخون ويملأون الأرض بقشور البيض والفاكهة.

عزف رقيق على الرصيف مقابل عيارات نارية في الهواء قد تذهب ضحيتها سيدة خرجت من البيت لتشتري خبزاً ولم تعد، مقاه صغيرة على الارصفة يهمس فيها الجالسون أو يتحاورون مقابل تسكع أعمى وصرخات مبهمة بدائية.

حدائق للعشاق والفنانين والاطفال مقابل حدائق تحولت الى حاويات تعبث فيها القطط وتمزق أحشاء الأكياس السوداء.

هذه الطرائف أو ما تيسر منها في فقه التخلف المقارن، ليست شيئاً ازاء الارقام.

فالعربي ينفق على البحث العلمي من محيطه الى خليجه أقل من واحد بالمئة مما تنفق اسرائيل.. رغم ان الفارق في عدد السكان هو ثلث مليار انسان على الأقل.

أما كم نقرأ في السنة فالاجابة محرجة لأنها قد تدفع كاتباً يحترم مهنته الى الانتحار العقلي وبالتالي الصمت.

وما يعود على ايطاليا من صناعة الاحذية والحقائب الجلدية فقط قد يتجاوز ما تظن بعض الدول انه سبب ثرائها وتفوق مستوى الدخل القومي فيها.

ولا أعرف ضاحية في هذا الكوكب تضم جامعات وبيوت اكاديميين وخبراء تخلو من مكتبة واحدة ومن دار سينما واحدة ومن مقهى واحد الا الضاحية التي أطل عليها من نافذتي..

عندما عقد طه حسين مقارنته بين أثريائنا وأثريائهم لم يكن بيل غيتس قد تبرع بثروته الفلكية، ولم يكن الفرنسيون ينفقون ما يوازي ميزانية الدفاع على دور الثقافة والفرانكفونية وحماية لغتهم من الانقراض، لأنهم يدركون ان هناك آلاف اللغات في طريقها الى الانقراض.

ولم يكن يومئذ عدد الجامعات والمعاهد والكليات في عالمنا العربي ينافس عدد الكازيات وصالونات الحلاقة.. لكن أثر هذه النعمة لم يظهر بعد على عبيدالله، وما ظهر هو النقمة فقط، بدءاً من رصاص الثانوية السامة التي أصبحت مجرد شهادة في مكافحة الأمية حتى عشرات أو مئات الآلاف من العاطلين.

فهل نخجل قليلاً ونتواضع قليلاً ونحن نقارن؟؟ ( الدستور )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات