حتى لا نفقد أموال تنمية المحافظات !

أعلنت المؤسسة الأردنية لتطوير المشاريع الاقتصادية التي عهد اليها متابعة تنفيذ مشروع تنمية المحافظات، انها ستبدأ في استقبال طلبات الراغبين في الاستفادة من أموال الصندوق البالغة حتى الان مئة وخمسة وعشرين مليون دينار اعتبارا من بدايات شهر ايلول الحالي، مما يعني ان هذا التوجه التنموي الوطني الذي تم اعتماده خلال العام الماضي سينطلق الى افاق التطبيق العملي، بعد استكمال الجانب التمهيدي له واتضاح الرؤية التي ستحكم آليات عمله من اجل تحقيق كامل أهدافه.
الآمال المعلقة على الصندوق كبيرة في ان يسهم في انتقال مختلف المحافظات الأردنية الى واقع تنموي جديد، يتجاوز ما عانته طويلا من تهميش وتجاهل لمعظم قضاياها ومشاكلها وافتقارها الى المشاريع الخدمية والرأسمالية والاستثمارية الرامية الى تحسين المستوى المعيشي للمواطنين القاطنين فيها، الذين يرون ان مكاسب التنمية إذا ما كانت موجودة فانها لم تصلهم لانها تركزت في العاصمة ومناطق بعينها في حين ظلوا في منأى عن متابعة أحوالهم بجدية قادرة على مواجهة معضلات مناطقهم المزمنة ! .
صندوق تنمية المحافظات يستهدف وفق ما تم إعلانه دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة في مختلف المحافظات اذا ما كانت ابداعية في القطاعات الصناعية والزراعية والخدمية والتجارية وايضا قادرة على توفير فرص عمل فعلية لالاف من المتعطلين الذين يعانون من مرارة البطالة في اقسى صورها، لكن المحاذير تظل قائمة في ان لا تذهب الأموال المخصصة له وقد تبلغ مئة وخمسين مليون دينار خلال العام القادم بعد رصدها بالكامل، الى تمويل مشروعات تنموية حقيقية تعكس اهدافه الطموحة وانما الى مجرد قروض متدنية الفائدة للانفاق على ما لا علاقة له بالتنمية من قريب او بعيد، من نفقات استهلاكية تزيد الأعباء على المواطنين المستفيدين منها ولا تضيف لهم اي شيء جديد ينهض بواقعهم المتردي ! .
لذلك من الاهمية بمكان ان يتم تطبيق الشروط والتعليمات الخاصة بالاستفادة من صندوق تنمية المحافظات على نحو دقيق ووفق الية تقييم معتمدة مسبقا لكافة الطلبات المقدمة، حتى لا يثير اعلان اسماء المستفيدين مع مطلع شهر تشرين الاول القادم كما يتردد عاصفة لا تهدأ من الاحتجاجات والاعتراضات، اذا ما كانت المشاريع الممولة ليست ذات اهمية تنموية على الاطلاق وقف وراءها متنفذون من اجل استبعاد المستحقين وشمول المحظوظين بغير وجه حق، وهذا ما كان يحدث في برامج تنموية سابقة مما اودى بها الى الفشل الذريع دون ان تحقق اية اضافة نوعية لا للمواطنين ولا للمناطق التي يقيمون فيها ! .
جميل ان يتوجه دعم صندوق تنمية المحافظات نحو اي مواطن اردني لديه فكرة ابداعية لاقامة مشروع انتاجي ولديه القدرة العلمية والعملية على ادارته ومتابعته، بالاضافة الى اية جمعيات او مجموعات متشاركة في تنفيذ مشاريع ذات طبيعة تنموية وانتاجية لها قيمة واضحة على الواقع الاقتصادي والاجتماعي المحلي، لكن الاهم من ذلك كله هي الاسس والقواعد التي سيتم اتباعها خلال عملية النظر في الطلبات المقدمة، وفيما اذا كانت تراعي العدالة والتوازن والانصاف دون محاباة للبعض على حساب الاخرين في تحديد المستفيدين، ام ستحكمها عوامل اخرى ربما تؤدي الى ضياع الاموال في غير الغايات المخصصة لها لتعمل على افشال مشروع وطني تنموي لطالما انتظرته المحافظات بفارغ صبر ! . ( العرب اليوم )