قطاع الدواجن يدخل حلبة الاعتصام!

مزارعو ومربو الدواجن حسموا أمرهم في أن يرفعوا أصوات الاحتجاج على ما اعتبروه محاولة للقضاء على هذا القطاع الزراعي الحيوي ، بعد ان وصل الأردن فيه إلى الاكتفاء الذاتي تقريبا من مادتي البيض والدواجن اللاحم،التي باتت هي المصدر البروتيني الرئيسي لسلة غذاء المواطن الأردني، الذي يكتوي بنيران أسعار اللحوم الحمراء التي لم تعد في استطاعة الغالبية العظمى إذا ما كانت بلدية، أما المستوردة فان أسعارها هي الأخرى خارج السيطرة وتخضع لعمليات احتكار وغلاء يتزايد يوما بعد آخر مما يجعلها في متناول القادرين عليها لا غير!
قطاع الدواجن الأردني شهد تطورات متسارعة خلال العقود الأخيرة أسفرت عن توسع الاستثمار فيه الى ما لا يقل عن المليار ونصف المليار دينار ليعتاش عليه ما يزيد على خمسة وسبعين الف مواطن وتتوفر من خلال اكثر من عشرة آلاف فرصة عمل ، حتى وصل الى تغطية الاكتفاء الذاتي الكامل مع إتاحة المجال للتصدير أيضا من بيض المائدة ، في حين يوفر ما نسبته حوالي تسعين بالمئة من لحوم الدجاج التي يمكن ان تكون في طريقها الى الاكتفاء أيضا إذا ما توفر الدعم الحقيقي!
التحديات التي يواجهها قطاع مزارعي ومربي الدواجن تم عرضها قبل أيام على المجلس الاقتصادي والاجتماعي ،ومن بينها الإعفاء من ضريبة المبيعات على مدخلات الإنتاج لان ذلك يزيد من التكاليف ويرهق المنتجين، مع دراسة تحديد المدة الزمنية المتبقية لدخول الدجاج المجمد الى الأسواق بمدة خمسة وأربعين يوما بدلا عن المدة الحالية التي يجيزها قانون الغذاء والدواء وتعتبر مفتوحة على ان لا تكون منتهية الصلاحية، مع توفير مادتي الشعير والنخالة وغيرها من الأعلاف الضرورية لهذا القطاع بأسعار معقولة اسوة بغيرهم من مربي الثروة الحيوانية ، بالاضافة الى إعادة النظر في تقويم وتخمين لحوم الدجاج وبيض المائدة حتى يصبح السعر عادلا للمزارع والمواطن والتاجر دون اجحاف أي طرف منهم بحق الآخر!
تبين في مجال الأسعار على سبيل المثال ان هنالك ربحا فاحشا يحققه التجار من قطاع الدواجن على حساب المنتج والمستهلك معا ،حيث ان سعر بيع طبق بيض المائدة للوزن الذي يزيد على كيلوغرامين من قبل المربين واصلا للتاجر هو ديناران ونصف الدينار عموما في حين انه يباع بما يصل الى ثلاثة دنانير ونصف الدينار للمستهلكين، والأمر ذاته ينطبق على الكيلوغرام الواحد من الدجاج الذي يباع الى مسلخ عمان وخارجه بقيمة دينار ومئتي فلس تقريباً في الوقت ذاته الذي يباع فيه من قبل تجار التجزئة بما يزيد على الدينارين، مما يؤكد ان هنالك هامشا ربحيا فاحشا ومرتفعا جداً لا يراعي حقوق المزارع والمستهلك دون اي تدخل حكومي ما دام قانون الصناعة والتجارة لا يخول الوزارة مساءلة التاجر عن معدلات أرباحه مهما بلغت!
أمام كل هذه الوقائع يبدو أنه من حق مزارعي ومربي الدواجن الدخول الى حلبة الاعتصام من أوسع ابوابها ،بعد ما تبين لهم كذلك ان هنالك تسهيلات واضحة لاستيراد البيض والدجاج المجمد من الخارج بكميات كبيرة تنافس الإنتاج المحلي،على نحو يهدد قطاع الدواجن بانتكاسات خطيرة قد تصيب الإنجازات التي حققها على مدار عقود من خلال استثماراته الواسعة ،إذا لم يتم تدارك الأمر عن طريق تفهم حكومي لما يجري من اجل العمل على معالجة الاشكالات المزمنة والحالية ووضع الحلول العملية لها، فالأردن أحوج ما يكون الى أي اكتفاء ذاتي من الموارد الغذائية التي يستوردها بمليارات الدولارات سنويا وهو يقترب من ذلك تماماً في الدواجن على وجه التحديد! ( العرب اليوم )