العراق يغرق بالدم

مؤلم جدا أن يغرق العراق الشقيق بالدم من جديد، وأن يصبح مطية للإرهاب والإرهابيين، ينشرون الموت والخوف والدمار في أرض الرافدين من أقصى الشمال الى أقصى الجنوب ، في المدن والقرى والشوارع والعتبات المقدسة والمساجد والجامعات ...الخ.
مؤلم جدا ، أن يبقى قمر الكرخ والرصافة حزينا ، وشارع ابي نواس مقفرا، وزوارق دجلة تجدف في صمت ، وقد تصاعد الإرهاب ، وبصورة مخيفة ما يؤكد أن القطر الشقيق مقبل على الأسوأ، في ضوء فشل الحلول التوافقية ، أو بالأحرى في ضوء النهج الطائفي، الذي عمده وجذره دستور بريمر، وهذا من شأنه أن يعيدنا الى بداية السطر.
لقد أثبتت التجربة وعلى مدى “9سنوات” عجاف، أي منذ الاحتلال الأميركي وحتى اليوم، أن هذا الاحتلال هو أساس الداء والبلاء، وأساس الحرب الطائفية القذرة ، التي ضربت وتضرب القطر الشقيق، وسيبقى هو السبب الرئيس للانفجارات والزلازل ، التي لن تتوقف ما دام الحكم قائما على اسس المحاصصة والطائفية.
أميركا لم ترحل، فإذا رحلت جيوشها وطائراتها وأساطيلها ، فإن دستور بريمر، وأدواتها موجودة في الحكم لم ترحل، ولا تزال تدير القطر الشقيق “بالريموت كونترول”، وعبر سفاراتها في المنطقة الخضراء ، وهي الأكبر بين السفارات الأميركية: مساحة وتجهيزا وعدد موظفين.
ومن هنا ، فلا سبيل أمام الشعب الشقيق، اذا اراد فعلا الخروج من المستنقع الذي يغوص فيه، إلا بإلغاء الدستور ، الذي وضعه أول مندوب سامي أميركي بعد الاحتلال، وهو كما هو معروف قائم على التقسيم والمحاصصة والطائفية،، والعمل على تشريع دستور جديد يقوم على المواطنة، شأن كل الدساتير في العالم ، وعلى غرار الدستورين المصري والتونسي، على سبيل المثال لا الحصر، لا يعترف بالمحاصصة ولا بالطائفية ، انما يقوم على ترسيخ الديمقراطية والتعددية الحزبية الوطنية ، والعدالة والمساواة، ما يقضي نهائيا على حكم الطائفة ، وعلى التقسيم، ليعود العراق وطنا لكل ابنائه، وليس لطائفة دون غيرها، وهذا في تقديرنا يعيدنا الى التذكير بالربيع العراقي ، الذي بدأ قويا واعدا ، ثم تراجع بفعل قمع السلطة الطائفية، ولكنه ما يزال ماثلا ، حاضرا في ضمائر ووجدان الشعب الشقيق، كسبيل وحيد للخروج من الحالة الطائفية، التي فرضت قسرا على العراقيين، وكانت ولا تزال السبب الرئيس، لما حدث ويحدث من مأس في ارض السواد.
باختصار.... سيبقى الاحتلال الاميركي جاثما على صدر بغداد الرشيد، ما لم يتم الغاء دستور الاحتلال، واستئصال أعوانه الذين كانوا وسيبقون السبب الرئيس لكل ما حدث ويحدث من ارهاب وموت وخراب للعراق وللعراقيين. ( الدستور )