لماذا بكت الحاجة صفية ؟

تم نشره الثلاثاء 11 أيلول / سبتمبر 2012 01:58 مساءً
لماذا بكت الحاجة صفية ؟
أحمد ابوخليل

متأخراً بعض الشيء، حدثني صديقي عن أن والدته، الحاجة صفية، وهي الفلاحة الثمانينية حزنت كثيراً وبكت عندما سمعت بقرار وقف عضوية سورية في الجامعة العربية، وقالت له أنها منذ وعت على الدنيا وهي تسمع عن صلة سورية مع العروبة، وأن كلمات مثل عرب وعروبة عندها ارتبطت الى درجة كبيرة بسورية، أنها الآن قلقة.
 أم يوسف، وهي أيضاً فلاحة ثمانينية، لديها مشاعر تختلف قليلاً عن مشاعر زميلتها الحاجة صفية، وكلتاهما من الرمثا. أم يوسف يشغلها القتل وصور الضحايا في سورية، وهذا هو ما يبكيها. في البداية كانت ترى أن النظام هو الذي يقتل، ثم أخذت ترى أن الطرفين يقتلان، ثم أخذت تقلق من حجم وعدد الأطراف التي تشارك بالقتل، وصارت مؤخراً تناقش مع نفسها فكرة "المؤامرة"، إنها تلفظ كلمة "مؤامرة" بارتباك وخجل لأنها ليست من الكلمات الدارجة شعبياً، وخاصة الهمزة على الواو التي يلفظها الفلاحون الأردنيون واواً صريحة، لكن ذلك غير ممكن في كلمة "مؤامرة" لأنها تصبح بلا معنى. غير أن أم يوسف في المحصلة تتساءل ببساطة: لماذا لا يستقيل الرئيس كي يفشل هذه التي يقولون عنها: "المؤامرة"؟
 الحاجتان صفية وأم يوسف، نموذجان لموقف شريحة من الأردنيين الذين لا توجد عندهم مسافة تفصل بين المشاعر والمواقف. وهؤلاء ينفعلون الآن كثيراً بما يجري في سورية ليس بصفته شأناً سياسياً، بل بصفته شأناً يتصل بوجدانهم.
 وهذا لا يعني أنهم لا "يفهمون بالسياسة"، فهم كغيرهم يحللون ويناقشون في شتى القضايا السياسية وبمواصفات تحقق شروط النقاش السياسي بالحد الأدنى، بمعنى تحييد أو تأجيل المشاعر، ولكنهم هذه المرة وفيما يتصل بسورية، وبغض النظر عن تنوع مواقفهم من النظام وخصومه، فإن الأمر بالنسبة لهم كبير وعلى صلة وثيقة بالوجدان وربما بالوجود ككل.
 يبدو والله أعلم، ان الحاجتين صفية وأم يوسف، تدركان عمق المؤامرة حتى لو لم تتقنا لفظ الكلمة الدالة عليها.

 

 

 

 

 

 

 

 

 


 
التقييم :   5.00   من 5(6صوت)

 


 

 

 

 

متأخراً بعض الشيء، حدثني صديقي عن أن والدته، الحاجة صفية، وهي الفلاحة الثمانينية حزنت كثيراً وبكت عندما سمعت بقرار وقف عضوية سورية في الجامعة العربية، وقالت له أنها منذ وعت على الدنيا وهي تسمع عن صلة سورية مع العروبة، وأن كلمات مثل عرب وعروبة عندها ارتبطت الى درجة كبيرة بسورية، أنها الآن قلقة.
 أم يوسف، وهي أيضاً فلاحة ثمانينية، لديها مشاعر تختلف قليلاً عن مشاعر زميلتها الحاجة صفية، وكلتاهما من الرمثا. أم يوسف يشغلها القتل وصور الضحايا في سورية، وهذا هو ما يبكيها. في البداية كانت ترى أن النظام هو الذي يقتل، ثم أخذت ترى أن الطرفين يقتلان، ثم أخذت تقلق من حجم وعدد الأطراف التي تشارك بالقتل، وصارت مؤخراً تناقش مع نفسها فكرة "المؤامرة"، إنها تلفظ كلمة "مؤامرة" بارتباك وخجل لأنها ليست من الكلمات الدارجة شعبياً، وخاصة الهمزة على الواو التي يلفظها الفلاحون الأردنيون واواً صريحة، لكن ذلك غير ممكن في كلمة "مؤامرة" لأنها تصبح بلا معنى. غير أن أم يوسف في المحصلة تتساءل ببساطة: لماذا لا يستقيل الرئيس كي يفشل هذه التي يقولون عنها: "المؤامرة"؟
 الحاجتان صفية وأم يوسف، نموذجان لموقف شريحة من الأردنيين الذين لا توجد عندهم مسافة تفصل بين المشاعر والمواقف. وهؤلاء ينفعلون الآن كثيراً بما يجري في سورية ليس بصفته شأناً سياسياً، بل بصفته شأناً يتصل بوجدانهم.
 وهذا لا يعني أنهم لا "يفهمون بالسياسة"، فهم كغيرهم يحللون ويناقشون في شتى القضايا السياسية وبمواصفات تحقق شروط النقاش السياسي بالحد الأدنى، بمعنى تحييد أو تأجيل المشاعر، ولكنهم هذه المرة وفيما يتصل بسورية، وبغض النظر عن تنوع مواقفهم من النظام وخصومه، فإن الأمر بالنسبة لهم كبير وعلى صلة وثيقة بالوجدان وربما بالوجود ككل.
 يبدو والله أعلم، ان الحاجتين. ( العرب اليوم )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات