أسعار تفضيلية مزعومة

للمرة الرابعة على التوالي تنشر الحكومة جدولا يوضح أسلوب تسعير المحروقات والرسوم والضرائب المضافة إليها. وللمرة العاشرة يطالب معلقون الحكومة بأن توضح اسلوب التسعير، ولا نعتقد أن حوار الطرشان سوف يقف عند هذا الحد، فسنقرأ مجدداً أكثر من تعليق يطالب بالشفافية في أسلوب التسعير، ولا يكلف صاحبه نفسه عناء قراءة التوضيحات الرسمية المنشورة.
ضمن الفوضى الخلاقة وغياب المحاسبة والمسؤولية كتب وزير سابق أن الأردن يحصل على البترول من السعودية بسعر تفضيلي وخصم 30%، ومن العراق بسعر تفضيلي وخصم 20%، وتقسم الحكومة أغلظ الإيمان بأن المصفاة تشتري البترول من شركة أرامكو بالأسعار العالمية بدون أي خصم، وأن مشترياتها من المشتقات البترولية تتم بموجب عطاءات منشورة بالأسعار العالمية . أما البترول العراقي ففيه خصم بسيط لا يكاد يغطي تكاليف الشحن البري، وهو على كل حال لا يغطي سوى 5% من احتياجات الأردن.
مشكلة أخرى يقع فيها المعلقون هي عدم التمييز بين الكلفة وبين الرسوم والضرائب، وهم يعتبرون أن البنزين مثلاً ليس مدعومأً طالما أن الحكومة تفرض عليه ضرائب خاصة وضرائب مبيعات، وكأن حصيلة الضريبة على البنزين يجب تخصيصها لدعم البنزين، مع أنها إيراد للخزينة مثل كل الضرائب المفروضة على جميع السلع. البنزين في الأردن أعلى منه في أميركا ويعود الفرق للضرائب، وينطبق ذلك على السيارات.
لا يأخذ المعلقون بالاعتبار أن الحكومة تبيع غاز الطبخ بأقل من نصف الكلفة، ولا تفرض عليه ضرائب، وتبيع الكهرباء للشـرائح الدنيا بأقل من ثلث الكلفة، وينطبق ذلك على الكاز وتبيع الطحين بثلث الكلفة لتثبيت سعر الخبز.
بالمحصلة فإن المحروقات مأخوذه معاً، مدعومة بمبلغ 800 مليون دينار، مغطاة بالكامل من المديونية، لأن الموازنة تعاني من العجز، أي أن الحكومة تقترض من البنوك لتمكيننا من استهلاك أكبر كمية من المحروقات بأقل سعر ممكن. أما إعفاء البنزين من الضرائب فمن شأنه تخفيض الإيرادات المحلية وزيادة العجز والمديونية.
الخسارة الناشئة عن الدعم لا تقف عند هذا الحد، فهو يحرم الأردن من بعض المنح الخارجية، لأن الدول المانحة تطالب بإلغاء الدعم كما قال جلالة الملك وعدم استعدادها لتمويله، بل أن قرض صندوق النقد الدولي يمكن تجميده إذا لم تتحرك الحكومة وتنفذ الإصلاحات التي تعهدت بها وبضمنها تخفيض الدعم.
( الرأي )