هل تنجح معارضة الداخل السوري.. في مؤتمرها؟

اليوم... واذا لم تحدث مفاجأة في اللحظة الاخيرة, فإن ممثلي «20» حزباً ومنظمة وتشكيلاً سياسياً معارضاً «داخلياً», سيلتقون في اطار مؤتمر اطلقوا عليه اسم «انقاذ سوريا», يأمل منظّموه أن يؤسس لمرحلة جديدة تُحدث قطيعة مع المرحلة السابقة والراهنة الدموية, التي ما تزال تعيشها سوريا بفعل تدخلات خارجية لم تعد اهدافها تنطلي على أحد من السذّج, أو الواهمين بأن بعض العرب ومعظم الغرب, معنيون بحريّة الشعب السوري ودمقرطة دولته واحترامها حقوق الانسان, وأيضاً بما يمكّن معارضة الداخل من النهوض بدورها السياسي والوطني والاجتماعي, الذي حاولت معارضات الخارج الممولة والموجهة والمدعومة خارجياً, الطمس عليه أو مصادرته أو اختطافه, لكن وقائع أشهر الازمة المتمادية منذ ثمانية عشر شهراً, اسقطت الاقنعة عن تشكيلات هذه المعارضات وافقدتها زمام المبادرة وأوقعت قادتها في «الشرك», الذي حاولوا نصبه لمعارضة الداخل, بهدف سحب البساط من تحت اقدامها وخصوصاً رفض الاخيرة (الداخل) أي تدخّل عسكري اجنبي, تحت أي ظرف وتحت أي ذريعة, ورفضها العنف أو تطييف ومذهبة الصراع, ما اثار غضب وجنون «المعارضين الجدد» الذين لا اولوية على جدول اعمالهم سوى عسكرة الاحتجاجات واستدراج التدخلات العسكرية, واللعب على الغرائز والعواطف والنعرات الطائفية والمذهبية, ولهذا انكروا على معارضة الداخل تمثيلها ورأوا فيها معارضة «قديمة» مقطوعة عن الواقع الجديد, وخصوصاً في توجيه الاتهامات لها بأنها عميلة للنظام وتأتمر بأوامره ومُخْتَرَقة من أجهزته, ناهيك عن نخبويتها وعزلتها الجماهيرية وغيرها من الاوصاف والنعوت, التي تريد معارضات الخارج إلصاقها بالداخل, فيما هي «غارقة» في ما هو اسوأ منها وأكثر انحطاطاً وتبعية وعمالة.
ما علينا..
وعلى اهمية وخطورة التوقيت المشبوه الذي اختاره خاطفو الثلاثة من وفد «هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديمقراطي» على طريق مطار دمشق بعد عودتهم من زيارة رسمية للصين والجدل الذي دار حول طبيعة الجهة التي قامت بهذه العملية التي يصعب على احد الاقتناع بانها لم تكن مقصودة ومخططا لها بدقة وذات هدف رئيس وهو افشال المؤتمر او دفع المنظمين والمشاركين الى الغائه او تأجيله ما يحول دون نجاحه او تكريس معارضة الداخل طرفا اصيلا وثابتا في المعادلة الوطنية الجديدة التي ارادت معارضات الخارج احتكارها لنفسها ولمن تمثل في الخارج العربي والغربي، فان من المهم هنا التوقف عند المعنى العميق المثقل بالدلالات الذي يعنيه انعقاد مؤتمر كهذا داخل دمشق وبموافقة الجهات الرسمية (حتى لو لم تكن مكتوبة او مباشرة)، إضافة الى الضمانات التي قدمتها الحكومة السورية الى أي معارض من الخارج, يريد المشاركة في هذا المؤتمر، وهو امر يؤشر (وإن بشكل جزئي ونسبي) الى انفتاح سلطوي على المعارضة او قل على العنوان الذي طرحه النظام وهو «المصالحة الوطنية» التي عبّر عنها وجود وزارة تحمل هذا الاسم, تقودها شخصية وطنية من حزب محسوب على معارضة الداخل وهو الحزب السوري القومي الاجتماعي.
ايا كانت النتائج والتوصيات التي سيسفر عنها مؤتمر اليوم, وايا كانت اللغة التي سيُكتب بها البيان الختامي والمفردات او المصطلحات التي سترد فيها تجاه النظام، فان مجرد انعقاده يشكل خطوة في الاتجاه الصحيح ومحاولة محمودة ومباركة لاخراج سوريا من المؤامرة الكبرى التي تتعرض لها والتي تستهدف تفكيك الدولة واغراقها في اتون حروب بالوكالة بايدي بعض «ابنائها» الذين ارتبطوا بمخططات خارجية وانخرطوا فيها على نحو لم يعد يهمهم سوى تدمير بلدهم والحاقه بعواصم الغرب الاستعماري الذي يريد استعادة امجاده السابقة وشطب طموحات الشعوب العربية في التحرر والانعتاق والطمس على ثقافة المقاومة والاستقلال والوحدة التي تتجسد في التعاطي مع الانظمة العربية الاكثر رجعية وركوب موجة الربيع العربي المزعوم وتحويله الى خريف او نقلنا من حال الاستبداد السياسي التي عصفت بنا طويلا وكثيرا الى حال الاستبداد الديني الذي يمثله الان تحالف الاسلام الاخواني المعتدل مع الاسلام السلفي المتطرف والذي يراد له ان يأخذنا اربعة عقود اخرى الى التيه واليأس والاحباط, ولنا في ما قاله زعيم جماعة الاخوان المسلمين السورية الدليل الأكبر على ذلك «... الاخوان المسلمون لم يكونوا منزعجين من تقارب اردوغان وداود اوغلو مع الاسد لأنهم كانوا يثقون باردوغان الذي كان يحميهم بل كان يطرح ملف (الاخوان المسلمين) في الاجتماعات مع الاسد – مستطرداً – ان تركيا أمنت لهم حماية وسلامة لم تؤمنها دولة اخرى وانا معجب بالنموذج التركي ونحن نريد هذا النموذج».. ختم محمد رياض الشقفة حديثه الطويل مع صحيفة «جمهوريت» التركية الذي قال فيه أيضاً انه سيكسر ظهر الهلال الشيعي!!
( الرأي )