قطعت أشواطاً على طريق الحرية

نساؤهم لهن الحرية. نساؤنا لهن القيود على الحرية. نساؤهم يستعملن كل قدراتهن. نساؤنا محدودات القدرة.
أريد قبل أن أكمل أن أسجل أنني لا أقول إن نساءنا في الأغلال، وإنما أقول إن حريتهن محدودة، وبالتالي قدرتهن على الإنتاج، بما يعكس الجهد الكامن لكل امرأة والذكاء والمعرفة.
كنت أتابع الثورة على الفيلم المسيء الى نبي الله، ولاحظت أن أخبار التظاهرات واقتحام السفارات ومقتل بعض الناس رافقتها أخبار كثيرة، بعضها صحيح وبعضها ملفَّق عمداً، عن سوء أحوال نساء العرب والمسلمين، وكأن عملاء اسرائيل الذين يحاولون التعتيم على عنصريتها وجرائمها يريدون تسليط الأضواء على ممارسات خاطئة في شكل لا يمكن الدفاع عنه بين أعدائها.
هناك قائمة سنوية بأهم نساء العالم تُصدرها مجلة «فوربس»، وفي آخر قائمة صادرة تحتل انجيلا ميركل المرتبة الأولى وبعدها هيلاري كلينتون. غير أنهما في القوائم السابقة ولم أكن أبحث عنهما، وإنما عن نسائنا في القائمة، وما وجدت في البداية هو أن هناك امرأتين يهوديتين بين أول عشر نساء، وامرأتين أخريين بين المراكز العشرة التالية.
مبروك عليهن نجاحهن، وهناك يهوديات كثيرات في قائمة المئة. ووجدت أن أول اسم عربي هو للكويتية شيخة البحر، الرئيس التنفيذي لبنك الكويت الوطني، في المركز الخامس والثمانين، والشيخة لبنى القاسمي، وزيرة التجارة الخارجية في دولة الإمارات، وهي تحتل المركز الثاني والتسعين، والشيخة ميساء آل ثاني، في المركز المئة.
أعرف الشيخة لبنى وأتابع عملها، وهي كنز وطني، ولكن أقول إنها والشيخة ميساء ربما ما كانتا وصلتا الى القائمة لولا مركز العائلة، مع أنهما أخلاق وقدرة وجهد واجتهاد، مثل نساء عربيات ومسلمات كثيرات لم يصلن الى المراكز العليا لإغلاق الأبواب في وجوههن.
استغربت أن غابت عن قائمة المئة الأخـــت لبنى العليان، فهــي سيدة أعمـــال مـن مستوى عالمي، وتفوق قدرة كثيرات علـــى قائمة المئة. إلا أنني وجدتها في قائمـة أهم مئة امرأة عربـيـة التي تصدرها مجلة اقتصاد عربي باللغة الانكليزية حيث احتلت المركز الثالث بعد الشيخة لبنى القاسمي في المركز الأول، والمناضلة اليمنية توكل كرمان في المركز الثاني.
في مقابل ما سبق، ماذا كانت الأخبار الأخرى؟ قرأت عن هندي مسلم مليونير طلبت زوجته الطلاق بعد 35 سنة من العيش المشترك، فقال في محكمة بريطانية إن الشريعة تعطيه حق أن تكون له زوجة ثانية مع أن المحكمة سمعت أنه غير متزوج من عشيقته. كانت هناك أخبار أخرى عن إمام (صُوِّرَ ونُشر اسمه) في لندن ذهب اليه صحافي زاعماً أنه يريد أن يُزوِّج ابنته وعمرها 12 سنة، فقبِل الإمام وطلب منه كتم الموضوع لأنه يُخالف القوانين البريطانية. أما ايران فوزعت وكالة أخبار فيها خبراً خلاصته أن «الصهيونيين ينشرون الشذوذ الجنسي للسيطرة على العالم». وزعمت مواقع يهودية اميركية وجود «حرب على النساء في مصر» وأن «نواباً سلفيين يعترضون على منع عبودية (تجارة) الجنس». بل كان هناك خبر عن زيادة خطف القاصرات القبطيات واغتصابهن، والخبر هذا كاذب قطعاً، وعصابة اسرائيل تحاول استغلال علاقة مهاجرين أقباط بالفيلم الحقير للتحريض والإيقاع بين المسلمين والأقباط في مصر.
غير أن الموضوعية تقتضي أن نقول إن أكثر الأخبار السلبية عن النساء العربيات والمسلمات له أساس، وقد يكون مبالغاً فيه، إلا أنه ليس كاذباً كبعض الأخبار عن مصر. ويكفي مثلاً «جرائم الشرف» أو تلك التي أسمّيها «قلَّة شرف» من مرتكبيها، كما حدث عندما خنق رجل هندي وزوجته ابنتهما المراهقة في لندن لأنها تمردت على التقاليد. وقد حُكم على كل من الزوجين الشهر الماضي بالسجن 25 عاماً.
المرأة العربية والمسلمة قطعت أشواطاً على طريق الحرية في العقود الأخيرة، إلا أنها لم تصل الى نهاية الطريق، وهناك رجال يريدون مساعدتها، وآخرون يريدون قمعها بين المطبخ وغرفة النوم، لأنهم يعرفون أنه في حال تكافؤ الفرص ستتفوق عليهم.
( الحياة اللندنية )