إلزامية الحكومات القادمة

أخذ البعض على حكومة الدكتور فايز الطراونة أنها تتحدث عن إصلاح عملية الدعم الاستهلاكي اعتباراً من أول السنة القادمة مع أن هذه الحكومة قد لا تكون هناك ، فكيف تستطيع أن تلزم حكومة قادمة قد يكون لها رأي آخر.
نقطة عدم جواز إلزام الحكومات القادمة صحيحة ، ومن هنا كان أبرز الاعتراضات التي أثرناها في حينه في وجه الأجندة الوطنية ، وسنعيد إثارتها في وجه فكرة الميثاق الاقتصادي المقترح.
لكن مبدأ عدم الإلزام ليس مطلقاً ، فهناك أوضاع خاصة تبرره بل تفرضه شريطة أن يظل في حدود معينة لا تصادر حرية الحكومات القادمة ، علمأً بأن حرية الحكومات اللاحقة غير قابلة للمصادرة لأنها قادرة على إلغاء أي قرار سابق أو وثيقة لم تشترك في صنعها. وبالتالي فإن حديث الحكومة الحالية عن إصلاحات تحدث في العام القادم لا يقصد بها الإلزام ، بل الاقتراح ، طالما أن الحكومات تكرر القول بأنها تبنى على إنجازات الحكومات السابقة.
هناك عوامل موضوعية تبرر حديث الحكومة عن تخفيض الدعم في بداية العام القادم حتى لو لم تبق في السلطة. وأهمها أنها ُتعد الموازنة العامة للسنة القادمة التي يجب دستورياً أن تكون جاهزة قبل شهر من بداية تلك السنة ، علماً بأن الموازنة تصدر بقانون ملزم ، وإذا تم تخفيض الدعم في الموازنة فإن الحكومة القادمة ملزمة بذلك ، وإلا فإن عليها إصدار ملحق لتمويل الدعم وتحمل المسؤولية التي تطوعت الحكومة الحالية بتحملها تطبيقاً لتعهدها بعدم تأجيل وترحيل المشاكل.
يضاف إلى ذلك أن برنامج التصحيح الاقتصادي الذي تم الاتفاق عليه مع صندوق النقد الدولي ويتضمن قرضاً مشروطأً ، ليس اتفاقاً بين الحكومة الحالية والصندوق بل بين الدولة الأردنية والصندوق ، وبالتالي فهـو ملزم للحكومات القادمة ، وعلى كل رئيس وزراء مكلف خلال السنوات الثلاث القادمة أن يعتذر عن تشكيل الحكومة إذا لم يكن قانعاً وملتزماً بتنفيذ الإصلاحات المنصوص عليها في الإتفاق.
الدعم الشامل الموجه إلى السلع مرض خبيث لا يختلف اثنان على وجوب إصلاحه منعاً للسقوط في ازمة تطحن الفقراء مثل غيرهم ، الجزء الخاضع للاجتهاد هو كيفية إيصال الدعم النقدي للمستحقين. أما من لديه مصدر يؤمن 5ر2 مليار دينار لتمويل استمرار الدعم في الموازنة القادمة فعليه أن يقدمه الآن أو يصمت وهذا أضعف الإيمان.
( الرأي )