عالمنا الافتراضي!
الآن يمكن القول ودونما احساس بالمجازفة ان العالم الافتراضي وعالم الصورة والثورة الرقمية قد أصبح واقعاً حقيقياً. وان هذا العالم الذي مارس استدراجيته البطيئة نسبياً لكل الشعوب والافراد أصبح بحق من العوالم التي يصعب على الانسان تهميشها او تجاوزها.
فمن يصدق ان لغة التواصل عبر الفيس بوك استطاعت ان تولد كل هذا الربيع العربي، وانها استطاعت ان تحرك شباناً وشابات الى الميادين في اكثر من عاصمة عربية؟ وأن تزلزل مقاعد ديكتاتورية لزعماء كانوا يربضون على صدور شعوبهم بثقلهم الزئبقي التاريخي.
ومن كان يصدق ان هناك بعض المدن الافتراضية على الانترنت، والتي ما ان تؤسسها حتى يتهافت عليك الناس من كل اقطار الارض كي يأخذوا حيزهم في هذه المدن الافتراضية. ولكي يؤسسوا لتجاور نبيل لا علاقة لأي بلدية به!!
ومن كان يصدق ان مسميات الواقع الافتراضي الجديدة سوف تحتل هذه المكانة، فيصبح لكل واحد من ايميله وموقعه الخاص ان شاء، وقدرته الاضافية في الاتصال مع كل بقاع الكوكب دون حسيب او رقيب. ومن كان يصدق انك تستطيع ان تشتري الأسهم وانت في بيتك وتعقد الاتفاقيات مع من تريد من الشركات والمؤسسات وأن هذا لا يكلفك سوى الضرب على نابض الكمبيوتر الخاص بك.
والعالم الذي كنّا نسميه عالماً افتراضياً تحول الى وحش حقيقي وهو يمسمر الجالسين امام شاشته الكهربائية المرتجفة، والى الحاق المرض بالمدمنين على الحاسوب وعلى المواقع والتواصل ليل نهار، وان الغرب قد بدأ يفتح عيادات خاصة لمعالجة هؤلاء المدمنين. هذا عداك عن الالعاب الالكترونية التي صارت الشركات العالمية تتنافس على انجازها وتصنيعها، وصار مردود صناعتها يدخل في منسوب الدخل القومي لبعض الدول.
والحال ان العالم الافتراضي تخلى عن مكانه التجريدي وحطّ فينا مرة واحدة بحيث انه تحول الى عالم حقيقي ومؤثر، وصار موقع «جوجل» و»ياهو» يشكلان مرجعيات معرفية مهيمنة هذا عداك عن الاسرار والدردشات وكل الخصوصيات التي تخزنها مثل هذه المواقع هذا ولم نتحدث بعد عن البرامج المضادة القادرة على تفريخ الفيروسات العابرة للقارت والقادرة والقادرة على الدخول على منظومة صواريخ او مفاعلات نووية.
والحال انه يجب القول ان عالمنا الذي نعيشه هو العالم الافتراضي بالتأكيد، وأن العالم الحقيقي هو العالم الذي وسمناه بالافتراضي!
( الدستور )
