الكرسي المثقف وثقافة الكرسي

تم نشره الأحد 30 أيلول / سبتمبر 2012 01:59 مساءً
الكرسي المثقف وثقافة الكرسي
محمد القباني

كثيرة هي التجارب التي رأيناها وأصابتنا الخيبة من بعضها، بينما استبشرنا خيراً وفرحنا ونحن نراقب أداء مثقف نال منصباً رسمياً خاصة إذا كان من مناصب الثقافة أو الاعلام أو الفن ، سواء كان كاتباً او شاعراً او فناناً تشكيلياً او مخرجاً أو صحافياً أو أكاديمياً وكاتباً أو أديباً، حيث كنا وما زلنا نعتقد أن هذه النماذج من الكفاءات هي الأقدر على تفهم مشاكلنا ورغباتنا لأنها منا ولا شك أنها عانت معنا وعرفت وجع الداء وبالضرورة لديها وصفة الترياق والدواء.
 لكن على ما يبدو أن للكرسي سحره الخاص الذي لا يستطيع المبدع أن يتواءم معه، فتكون النتائج بالتالي كارثية عليه وعلى الحركة الابداعية، وأنا هنا لا أخصص حالة معينة وموجودة إنما أتحدث بشكل عام فكلنا يعرف المصير الذي آل اليه بابلوا نيرودا والراحل محمود درويش حين ترك المنصب وبقي شاعرا رغم ذيول المنصب التي ظلت تلاحقه، وعرار الذي جعل منصبه كمدعي عام في خدمة المواطن قبل الحكومة إن لم يكن ضدها رغم أنه كان يمثلها ولهذا لم يستمر طويلاً في منصبه، واختار الابداع على الوظيفة الرسمية.
 ولدينا شعراء وأدباء ومخرجون وفنانون تقلدوا مناصب عديدة، ومنهم من تقلدها لعدة مرات لكن الغالبية العظمى منهم غلبوا جانب الكرسي وبقاءهم عليه أطول مدة ممكنة متناسين إبداعهم الذي أوصلهم الى ما وصلوا اليه، حتى أن بعضهم لم يكتب سطراً أدبياً أو صحافياً ولم تترطب ريشته بلون أو هجر الكاميرا ونسيها، وفي كل لقاء معهم كانوا يفهموننا أن السلطة لم تأخذهم، وحقيقة الأمر أنها أخذتهم وأخذتنا معهم نتيجة عدم قدرتهم على الدفاع عنا أو الوقوف في صف الابداع الذي أفرزهم.
 ما الذي يمنع الكرسي المثقف من أن يحمينا ويحمي ثقافتنا حماية إغلاقية تمنع عنا الثقافات الواردة علينا من الشبابيك الفضائية التي دخلت في كل تفاصيل حياتنا وحياة أبنائنا وبناتنا إلا بريق ولمعان الكرسي، لماذا لا نفعل أي شيء إبداعي غير ردات الفعل على أفعال يبتدعها أعداء أمتنا ويتفننون في إبداعها لنقوم نحن بوظيفة رد الفعل الذي يريدونه بالضبط ويسيطرون علينا به أكثر، تماماً مثلما يحصل الآن وحصل بالنسبة للفيلم المسيء لرسول صلى الله عليه وسلم، فلم نفعل نحن إزاء هذا الموضوع ومواضيع كثيرة غيره، غير ردات الفعل الغاضبة أو المغضبة بفعل فاعل لغايات يريدها، وبعد أيام ستعود الأمور الى مجاريها بانتظار حدث آخر لنقوم نحن بردة فعل غاضبة أخرى ولا شيء غير ذلك.
 أليس فيما ذكرت شيئ من موجبات ضرورة وجود الكرسي المثقف المتسلح بالمعرفة ليحمينا ويوظف ردات فعلنا توظيفاً يخدمنا ويخدم ثقافتنا وعقيدتنا أكثر من الذي ينتظر من الكرسي أن يثقفه هو في كيفية الحصول على المغانم من منصبه فقط، غير عابىء بأي شيء آخر ؟!! وهل نريد نموذج الكرسي المثقف أم أننا سنظل عبيداً لثقافة الكرسي؟ ( العرب اليوم )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات