أولوية الإصلاح الاقتصادي
تم نشره الأربعاء 10 تشرين الأوّل / أكتوبر 2012 01:08 صباحاً

د. فهد الفانك
تشير النتائج المالية للشهور الثمانية الأولى من هذه السنة ، كما توضحها أرقام الموازنة العامة ، إلى أن الإيرادات المحلية لا تغطي سوى 6ر85% من النفقات الجارية للحكومة ، بمعنى أن 4ر14% من النفقات الجارية ، وكل النفقات الرأسمالية ، يجب تغطيتها من الاقتراض ، خاصة وأن المنح الخارجية المنتظرة لم تتحقق ، وحتى لو تحققت فإنها لا تكفي لتغطية الفجوة.
هذا الوضع ليس طبيعياً وليس قابلاً للاستمرار ، فمن غير الممكن أو المعقول أن تواصل الحكومة الاقتراض إلى ما لا نهاية ، لمجرد دفع الرواتب والفوائد والإيجارات ودعم المحروقات والكهرباء والخبز والأعلاف.
لا بد لأي نفقة إضافية أن يكون لها مبرر قوي لتمويلها بالاقتراض من صندوق النقد الدولي أو البنوك الأجنبية والمحلية. وهذا سؤال كبير يجب أن نطرحه على أنفسنا ، فهل يجوز أن تواصل الحكومة الاقتراض لزيادة الرواتب والامتيازات وتمويل دعم السلع والخدمات؟.
الحكومة في طريقها لاقتراض مليارين من الدولارات من صندوق النقد الدولي ، وهي تسعى للحصول على قرض تجاري بالدولار الأوروبي بمبلغ 5ر1 مليار دولار واختارت البنوك التي ستعمل للتسويق ، وبعد ثلاث سنوات سوف تستحق السندات السيادية الحالية دفعة واحدة بمبلغ 5ر1 مليار دولار ، فهل ستكون البنوك الاجنبية جاهزة لإقراض الحكومة ستة مليارات من الدولارات لتسديد هذه القروض الثلاثة ، أم أنها سوف تتساءل: كيف ومتى يتم تسديد القروض من غير حصيلة قروض جديدة أكبر منها؟.
يقول وزير التخطيط أن دعم المحروقات
والكهرباء سيكلف هذه السنة مليارين من الدنانير. وتشير أرقام وزارة المالية إلى أن عمليات الاقتراض وكفالات القروض تسير بمعدل 290 مليون دينار شهرياً أو 2ر13 مليون دينار في كل يوم عمل ، فإلى أين نحن سائرون؟.
الحكومة خرجت بمشروع أولى لإيصال الدعم إلى مستحقيه فاستل الجميع أقلامهم وألسنتهم ليس لتعديله وتحسينه بل لإدانة الفكرة دون أن يدّعوا أنهم يملكون أفكاراً بديلة أو وسائل تمويل عجز بمبلغ 2ر13 مليون دينار يومياً ليستمر الحال حتى إشعار آخر.
وقبل ذلك كانت الحكومة قد توصلت مع صندوق النقد الدولي إلى برنامج للإصلاح المالي والاقتصادي ولكنها لم ُتنشر تفاصيل البرنامج خوفاً من السيوف والأقلام والألسنة الحداد ، الجاهزة للتحرك واقتناص الشعبية.
( الراي )