سباق البطالة وتوليد الوظائف

تصدر دائرة الإحصاءات العامة أرقاماً لمعدلات البطالة على أساس ربع سنوي ، ونتمنى لو أنها تستطيع تقديم أرقام شهرية. وتدل الإحصاءات على أن الاقتصاد الأردني بقطاعيه العام والخاص يولد سنوياً حوالي 4ر28 ألف فرصة عمل أي بمعدل 2200 فرصة عمل شهرياً ، 60% منها تعود للقطاع الخاص و40% للقطاع العام.
هذا الإنجاز المعتدل يؤدي في التطبيق إلى استقرار معدل البطالة بين 12 إلى 14 بالمائة ، وهي نسبة عالية بأي مقياس ، ويدل استقرارها على أن الاقتصاد الأردني قادر على توليد فرص عمل كافية لمواجهة النمو السكاني ، ولكنه ليس قادراً على توليد المزيد منها لتخفيض معدل البطالة.
في أميركا مثلاً إحصاءات عمالية شهرية دقيقة لوجود سجلات العاطلين عن العمل الذين يتقاضون تعويض بطالة وبالتالي يمكن معرفة عددهم بدقة تامة ، كما إن إعطاء حوافز للتوظيف تمكـّن وزارة العمل من معرفة حجم توليد الوظائف الجديدة على أساس شهري ، وتستخدم هذه الأرقام لقياس درجة حرارة الاقتصاد الوطني وما إذا كان هناك ركود أم استقرار أم انتعاش.
في آخر إحصائية أميركية لشهر تموز الماضي ، ارتفع عدد الوظائف المولدة إلى 163 ألف وظيفة جديدة ، أي أكثر مما كان متوقعأً ، ولكن معدل البطالة ارتفع في الشهر ذاته من 2ر8% إلى 3ر8% ، مما يدل على أن الفرص الجديدة لا تكاد تكفي لمواجهة النمو السكاني. ويقول المحللون أن عدد الفرص المولدة يجب أن يرتفع إلى 250 ألف فرصة عمل جديدة شهرياً لمدة أربع سنوات متوالية لكي تنخفض نسبة البطالة إلى 5%.
في حالة الأردن لا توجد أرقام معتمدة كافية لتمكين المخطط من رسم السياسات وأخذ القرارات اللازمة ، وربما يعود ذلك إلى كون نسبة البطالة عالية جدأً بحيث أن على المسؤول أن يعطي أولوية مطلقة لخلق وظائف جديدة ، أولاً لأن معدل النمو السكاني مرتفع ، وثانياً لأن البطالة عالية وتستطيع تلبية أي طلب على الوظائف الجديدة دون أن يؤدي ذلك إلى التضخم.
هناك بطبيعة الحال عامل هام في الحالة الأردنية هو سوق العمل في الدول الخليجية ، الذي يستوعب نسبة هامة من العمالة الأردنية المدربة ، وكذلك العمالة الوافدة التي تشغل جانباً كبيراً من فرص العمل المحلية التي يولدها الاقتصاد الأردني. ومن هنا فإن توليد فرص العمل لا يقف عند تشجيع الاستثمارات الجديدة فقط ، بل يمتد ليغطي أسواق الاغتراب ، وسياسة إدارة سوق العمل وتنظيم العمالة الوافدة.
وقد أغضبنا وزيراً للعمل عندما زعمنا مرة أن ارتفاع نسبة البطالة في الأردن تعود لفشل إداري وليس اقتصادياً.
( الراي )